سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ) [الصافات : ٧٨ ، ٧٩] ، قالهما الزمخشري.
وفي الفرق بين الوجهين عسر ، قال : «وتخير الشيء واختاره ، أخذ خيره ، كتنخله وانتخله ، أخذ منخوله».
الثالث : أنها على الاستئناف على معنى «إن كان لكم كتاب فلكم متخير».
قال القرطبي (١) : تم الكلام عند قوله «تدرسون» ثم ابتدأ فقال : (إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَما تَخَيَّرُونَ) أي : إن لكم في هذا الكتاب إذن ما تخيرون ، أي : ليس لكم ذلك ، والكناية في «فيه» الأولى والثانية راجعة إلى الكتاب.
وقرأ طلحة (٢) والضحاك : «أن لكم» بفتح الهمزة. وهو منصوب ب «تدرسون» إلا أن فيه زيادة لام التأكيد ، وهي نظير قراءة (إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ) [الفرقان : ٢٠] بالفتح.
وقرأ الأعرج وابن (٣) هرمز : «أإنّ لكم» في الموضعين ، يعني «أإنّ لكم فيه لما تخيّرون» «أإنّ لكم لما تحكمون» بالاستفهام فيهما جميعا.
ثم إنه تعالى زاد في التوبيخ فقال : (أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ) ، أي : عهود ومواثيق (عَلَيْنا بالِغَةٌ) مؤكدة والبالغة المؤكدة بالله تعالى ، أي : أم لكم عهود على الله تعالى استوثقتم بها في أن يدخلكم الجنة.
قال ابن الخطيب (٤) : والمعنى : أم ضمنا لكم ، وأقسمنا لكم بأيمان مغلظة متناهية في التوكيد.
قوله : «بالغة».
العامة على رفعها نعتا ل «أيمان» و (إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) متعلق بما تعلق به «لكم» زمن الاستقرار أي كائنة لكم إلى يوم ، أو «ببالغة» ، أي : تبلغ إلى ذلك اليوم ، وتنتهي إليه.
وقرأ زيد (٥) بن علي والحسن : بنصبها.
فقيل : على الحال من «أيمان» لأنها تخصصت بالعمل ، أو بالوصف.
وقال القرطبيّ (٦) : «على الحال من الضمير في «لكم» لأنه خبر عن «أيمان» ففيه ضمير منه ، وإما من الضمير في «علينا» إن قدرت «علينا» وصفا للأيمان لا متعلقا بنفس
__________________
(١) ينظر : الجامع لأحكام القرآن ١٨ / ١٦١.
(٢) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٣٥١ ، والبحر المحيط ٨ / ٣٠٨ ، والدر المصون ٦ / ٣٥٧.
(٣) ينظر السابق.
(٤) الفخر الرازي ٣٠ / ٨٢.
(٥) ينظر : الكشاف ٤ / ٥٩٣ ، والبحر المحيط ٨ / ٣٠٨ ، والدر المصون ٦ / ٣٥٧.
(٦) الجامع لأحكام القرآن ١٨ / ١٦١.