٤٨٣٨ ـ قد كان قومك يحسبونك سيّدا |
|
وإخال أنّك سيّد معيون (١) |
فعصم الله نبيه صلىاللهعليهوسلم ونزلت هذه الآية (٢).
وذكر الماورديّ : أن العرب كانوا إذا أراد أحدهم أن يصيب أحدا يعني في ماله ونفسه يجوع ثلاثة أيام ثم يتعرض لنفسه وماله ، فيقول : بالله ما رأيت أقوى منه ، ولا أشجع ، ولا أكبر منه ، ولا أحسن فيصيبه بعينه فيهلك هو وماله ، فأنزل الله ـ تعالى ـ هذه الآية.
قال القشيريّ : وفي هذا نظر ؛ لأن الإصابة بالعين إنما تكون مع الاستحسان والإعجاب لا مع الكراهية والبغض ، ولهذا قال : (وَيَقُولُونَ : إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ) أي : ينسبونك إلى الجنون إذا رأوك تقرأ القرآن.
قال القرطبيّ (٣) : أقوال المفسرين واللغويين تدل على ما ذكرنا ، وأن مرادهم بالنظر إليه قتله ، ولا يمنع كراهة الشيء من أن يصاب بالعين عداوة حتى يهلك.
فمعنى الكلمة إذا التنحية والإزالة ، وذلك لا يكون في حق النبي صلىاللهعليهوسلم إلا بهلاكه وموته.
قال الهرويّ : أراد ليغتالونك بعيونهم ، فيزيلونك عن مقامك الذي أقامك الله فيه عداوة لك.
وقال ابن عباس : ينفذونك بأبصارهم (٤) ، يقال : زلق السّهم ، وزهق إذا نفذ ، وهو قول مجاهد أي : ينفذونك من شدة نظرهم.
وقال الكلبي : يصرعونك (٥) ، وعنه أيضا والسّدي وسعيد بن جبير : يصرفونك عما أنت عليه من تبليغ الرسالة (٦).
__________________
(١) البيت للعباس بن مرداس. ينظر ديوانه ١٠٨ وجمهرة اللغة ص ٩٥٦ ، والحيوان ٢ / ١٤٢ وشرح التصريح ٢ / ٣٩٥ ، وشرح شواهد الشافية ص ٣٨٧ ، واللسان (عين) ، والمقاصد النحوية ٤ / ٥٧٤ ، وأوضح المسالك ٤ / ٤٠٤ ، والخصائص ١ / ٢٦١ ، وشرح الأشموني ٣ / ٧٦٦ ، والمقتضب ١ / ١٠٢.
وأمالي ابن الشجري ١١ / ١١٣ ، والقرطبي ١٨ / ١٦٦ ، والبحر ٨ / ٣١١ ، وروح المعاني ٢٩ / ٤٦.
(٢) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٨ / ١٦٥).
(٣) الجامع لأحكام القرآن ١٨ / ١٦٦.
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٢٠٤) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٠٣) وعزاه إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه.
(٥) ذكره القرطبي (١٨ / ١٦٦) وذكره الطبري (١٢ / ٢٠٤).
(٦) ينظر المصدر السابق.