ويتضح ذلك بقول الزمخشريّ : «الحسوم» : لا يخلو من أن يكون جمع «حاسم» ك «شاهد» و «شهود» ، أو مصدرا «كالشّكور» ، «والكفور» ، فإن كانت جمعا ، فمعنى قوله : «حسوما» أي : نحسات حسمت كلّ خير ، واستأصلت كلّ بركة ، أو متتابعة هبوب الريح ما خفضت ساعة تمثيلا لتتابعها بتتابع فعل الحاسم في إعادة الكيّ على الدّاء كرّة بعد أخرى حتى ينحسم.
وإن كان مصدرا فإما أن ينتصب بفعله مضمرا ، أي : تحسمهم حسوما بمعنى استأصل استئصالا ، أو تكون صفة كقولك : ذات حسوم ، أو يكون مفعولا له ، أي : سخرها عليهم للاستئصال.
قال عبد العزيز بن زرارة الكلابي الشاعر : [الوافر]
٤٨٣٩ ـ ففرّق بين بينهم زمان |
|
تتابع فيه أعوام حسوم (١) |
انتهى. وقال المبرّد : الحسوم : الفصل ، حسمت الشّيء من الشيء فصلته منه.
ومنه الحسام.
قال الشاعر : [المتقارب]
٤٨٤٠ ـ فأرسلت ريحا دبورا عقيما |
|
فدارت عليهم فكانت حسوما (٢) |
وقال الليث : هي الشّؤم ، يقال : هذه ليالي الحسوم ، أي : تحسم الخير عن أهلها ، لقوله تعالى : (فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ) [فصلت : ١٦] ، وهذان القولان يرجعان إلى القول الأول ؛ لأن الفصل قطع وكذلك الشّؤم لأنه يقطع الخير.
قال ابن زيد : حسمتهم فلم تبق منهم أحدا (٣) ، وعنه أيضا : أنها حسمت الليالي والأيام حتى استوفتها ؛ لأنها بدأت طلوع الشمس أول يوم ، وانقطعت غروب الشمس من آخر يوم (٤).
واختلف في أولها : فقال السدّي : غداة يوم الأحد (٥).
وقال الربيع بن أنس : غداة يوم الجمعة (٦) وقال يحيى بن سلام : غداة يوم الأربعاء (٧) ، وهو يوم النحس المستمر.
__________________
(١) البيت لعبد العزيز بن زرارة الكلبي. ينظر الكشاف ٤ / ٥٩٩ ، والبحر ٨ / ٣١٤ ، والقرطبي ١٨ / ١٦٩ ، والدر المصون ٦ / ٣٦٢.
(٢) ينظر البحر المحيط ٨ / ١٣٤ ، والدر المصون ٦ / ٣٦٢.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٢٠٩).
(٤) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٨ / ١٦٩).
(٥) ذكره الماوردي في «تفسيره» (٦ / ٧٧) والقرطبي (١٨ / ١٦٩).
(٦) ينظر المصدر السابق.
(٧) ينظر المصدر السابق.