وعدي : «فات» ب «إلى» ؛ لأنه ضمن معنى الفرار والذهاب والسبق ونحو ذلك(١).
قوله : (فَعاقَبْتُمْ) ، عطف على «فاتكم».
وقرأ العامة : «عاقبتم». وفيه وجهان (٢) :
أحدهما : أنه من العقوبة ، قال الزجاج (٣) : «فعاقبتم» فأصبتموهم في القتال بعقوبة حتى غنمتم.
والثاني : أنّه من العقبة ، وهي التوبة ، شبه ما حكم به على المسلمين ، والكافرين من أداء هؤلاء مهور النساء أولئك تارة ، وأولئك مهور نساء هؤلاء أخرى ، بأمر يتعاقبون فيه ، كما يتعاقب في الركوب وغيره ، ومعناه : فجاءت عقبتكم من أداء المهر. انتهى.
وقرأ مجاهد والأعرج والزهري وأبو حيوة وعكرمة (٤) وحميد : بتشديد القاف دون ألف.
ففسرها الزمخشري على أصله يعقبه : إذا قفاه ؛ لأن كل واحد من المتعاقبين ، يقفي صاحبه ، وكذلك عقبتم ـ بالتخفيف ـ يقال : عقبه يعقبه انتهى.
والذي قرأه بالتخفيف وفتح القاف : النخعي ، وابن وثاب ، والزهري ، والأعرج أيضا. وبالتخفيف (٥) ، وكسر القاف : مسروق ، والزهري ، والنخعي أيضا.
وعن مجاهد (٦) : أعقبتم.
قال الزمخشري : معناه : دخلتم في العقبة (٧).
قال البغوي : «معناه : أي : صنعتم بهم ، كما صنعوا بكم» (٨).
وفسّر الزجاج القراءات الباقية ، فكانت العقبى : أي : كانت الغلبة لكم حتى غنمتم (٩).
والظّاهر أنه كما قال الزمخشريّ : من المعاقبة بمعنى المناوبة.
يقال : عاقب الرجل صاحبه في كذا ، أي : جاء فعل كل واحد منهما يعقب فعل الآخر ، ويقال : أعقب ـ أيضا. وأنشد بعضهم رحمهالله : [الطويل]
__________________
(١) الدر المصون ٦ / ٣٠٧.
(٢) ينظر السابق.
(٣) ينظر : معاني القرآن ٥ / ١٦٠.
(٤) ينظر : الكشاف ٦ / ٥١٩ ، والمحرر الوجيز ٥ / ٢٩٨ ، والبحر المحيط ٨ / ٢٥٥ ، والدر المصون ٦ / ٣٠٧.
(٥) ينظر السابق.
(٦) السابق.
(٧) ينظر : الكشاف ٤ / ٥١٩.
(٨) ينظر : معالم التنزيل ٤ / ٣٣٤.
(٩) ينظر معاني القرآن للزجاج ٥ / ١٦٠.