قال ابن عباس : سبعون ذراعا بذراع الملك (١).
وقال نوف البكالي : سبعون ذراعا ، كل ذراع سبعون باعا ، كل باع كما بينك وبين «مكّة» وكان في رحبة «الكوفة» (٢).
وقال الحسن : الله أعلم أي ذراع (٣).
وزعم بعضهم أنّ في قوله : (فِي سِلْسِلَةٍ) «فاسلكوه» قلبا ، قال : لأنه نقل في التفسير أنّ السلسلة تدخل من فيه ، وتخرج من دبره ، فهي المسلوك فيه لا هو المسلوك فيها ، والظاهر أنّه لا يحتاج إلى ذلك ؛ لأنه روي أنها لطولها ، تجعل في عنقه ، وتلتوي عليه ، حتى تحيط به من جميع جهاته ، فهو المسلوك فيها لإحاطتها به.
وقال الزمخشريّ : والمعنى في تقديم السّلسلة على السلك مثله في تقديم الجحيم على التّصلية ، أي : لا تسلكوه إلا في هذه السلسلة ، وثم للدلالة على التفاوت لما بين الغلّ والتصلية بالجحيم وما بينها ، وبين السلك في السلسلة ، لا على تراخي المدة.
ونازعه أبو حيان في إفادة تقديم الاختصاص كعادته ، وجوابه ما تقدم (٤).
ونازعه أيضا في أن «ثمّ» للدلالة على تراخي الرّتبة.
وقال مكيّ : التراخي الزماني بأن يصلى بعد أن يسلك ، ويسلك بعد أن يؤخذ ويغلي بمهله بين هذه الأشياء. انتهى.
وفيه نظر من حيث إن التوعد بتوالي العذاب آكد ، وأقطع من التوعد بتغريقه.
قوله : (إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيمِ وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ).
«الحضّ» : الحثّ على الفعل والحرص على وقوعه ، ومنه حروف التحضيض المبوب لها
في النحو ؛ لأنّه يطلب بها وقوع الفعل وإيجاده ، فبيّن تعالى أنه عذّب على ترك الإطعام ، وعلى الأمر بالبخل كما عذّب بسبب الكفر.
قال ابن الخطيب (٥) : وفي الآية دليل على أنّ الكفّار مخاطبون بالفروع.
كان أبو الدرداء يحض امرأته على الإطعام ويقول : خلعنا نصف السلسلة بالإيمان ، أفلا نخلع نصفها الثاني بالإطعام.
وقيل : المراد قول الكفار : (أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ أَطْعَمَهُ) [يس : ٤٧].
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٢٠٠١٢).
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٢٢٠١٢) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ١٤٢) وعزاه إلى ابن المبارك وهناد في «الزهد» وعبد بن حميد وابن المنذر.
(٣) ذكره البغوي في «تفسيره» (٤ / ٣٨٩).
(٤) ينظر : الدر المصون ٦ / ٣٦٧.
(٥) ينظر : الفخر الرازي ٣٠ / ١٠٢.