وقيل : من الطعام والشّراب ؛ لأن الجميع يطعم ، بدليل قوله : (وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي) [البقرة : ٢٤٩].
فعلى هذا يكون (إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ) صفة ل «حميم» ول «طعام» ، والمراد بالحميم : ما يشرب ، أي : ليس له طعام ، ولا شراب إلا غسلينا.
أما إذا أريد بالحميم : الصديد فلا يتأتّى ذلك.
وعلى هذا الذي ذكرنا ، فيه سؤال ، وهو أن يقال : بأي شيء تعلّق الجارّ والظرفان؟ والجواب : إنّها تتعلق بما تعلق به الخبر ، أو يجعل «له» أو «هاهنا» حالا من «حميم» ويتعلق «اليوم» بما تعلق به الحال ، ولا يجوز أن يكون «اليوم» حالا من «حميم» ، و «له» و «هاهنا» متعلقان بما تعلق به الحال ؛ لأنه ظرف زمان ، وصاحب الحال جثة ، وهذا موضع حسن مفيد.
و «الغسلين» : «فعلين» من الغسالة ، فنونه وياؤه زائدتان.
قال أهل اللغة : هو ما يجري من الجراح إذا غسلت.
قال المفسرون : هو صديد أهل النّار.
وقيل : شجر يأكلونه.
وعن ابن عباس : لا أدري ما الغسلين (١).
وسمي طعاما ؛ لقيامه مقامه فسمي طعاما ؛ كقوله : [الوافر]
٤٨٥٢ ـ ............ |
|
تحيّة بينهم ضرب وجيع (٢) |
قوله : (لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخاطِؤُنَ). صفه ل «غسلين».
والعامة : يهمزون «الخاطئون» ، وهم اسم فاعل من «خطأ يخطأ» إذا فعل غير الصواب متعمدا ، والمخطىء من يفعله غير متعمد.
وقرأ الحسن (٣) والزهريّ والعتكي وطلحة : «الخاطيون» بياء مضمومة بدل الهمزة.
وقرأ نافع (٤) في رواية وشيبة : بطاء مضمومة دون همزة.
وفيها وجهان :
__________________
(١) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤٢٦) وعزاه إلى ابن أبي حاتم وأبي القاسم الزجاجي النحوي في «أماليه».
(٢) تقدم.
(٣) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٣٦٢ ، والبحر المحيط ٦ / ٣٢١ ، والدر المصون ٦ / ٣٦٨.
(٤) ينظر السابق.