والمعنى : لو نسب إلينا قولا لم نقله «لأخذنا منه باليمين» أي : لأخذناه بالقوة ، و «الباء» يجوز أن تكون على أصلها غير مزيدة ، والمعنى لأخذناه بقوة منا ف «الباء» حالية ، والحال من الفاعل ، وتكون «من» في حكم الزائدة ، واليمين هنا مجاز عن القوة والغلبة ؛ لأن قوة كل شيء في ميامنه.
قال القتبي : وهو معنى قول ابن عباس ومجاهد.
ومنه قول الشماخ : [الوافر]
٤٨٥٤ ـ إذا ما راية رفعت لمجد |
|
تلقّاها عرابة باليمين (١) |
قال أبو جعفر الطبري (٢) : هذا الكلام مخرج مخرج الإذلال ، على عادة الناس في الأخذ بيد من يعاقب.
ويجوز أن تكون الباء مزيدة ، والمعنى : لأخذنا يمينه ، والمراد باليمين الجارحة كما يفعل بالمقتول صبرا يؤخذ بيمينه ، ويضرب بالسّيف ، في جيده موجهة ، وهو أشد عليه.
قال الحسن : لقطعنا يده اليمنى (٣).
وقال نفطويه : المعنى لقبضنا بيمينه عن التصرف.
وقال السدّي ومقاتل : والمعنى : انتقمنا منه بالحقّ ؛ واليمين على هذا بمعنى الحق ، كقوله تعالى : (إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ) [الصافات : ٢٨] أي : من قبل الحق (٤).
قوله : (ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ). وهو العرق المتصل من القلب بالرأس الذي إذا قطع مات صاحبه.
قال أبو زيد : وجمعه الوتن ، وثلاثة أوتنة ، والموتون الذي قطع وتينه.
وقال الكلبي : هو عرق بين العلباء والحلقوم ، وهما علباوان ، وإن بينهما العرق (٥).
والعلباء : عصب العنق.
وقيل : عرق غليظ تصادفه شفرة النّاحر.
قال الشماخ : [الوافر]
٤٨٥٥ ـ إذا بلّغتني وحملت رحلي |
|
عرابة فاشرقي بدم الوتين (٦) |
وقال مجاهد : هو حبل القلب الذي في الظهر ، وهو النخاع ، فإذا انقطع بطلت القوى ، ومات صاحبه.
__________________
(١) تقدم.
(٢) ينظر : تفسير الطبري ١٢ / ٢٢٣.
(٣) ذكره الماوردي (٦ / ٨٦) والقرطبي (١٨ / ١٧٩).
(٤) ينظر المصدر السابق.
(٥) ينظر المصدر السابق.
(٦) ينظر ديوانه (٩٢) ، وشرح المفصل ٢ / ١٣ ، والقرطبي ١٨ / ١٧٩ ، والبحر ٨ / ١٣٥ ، والدر المصون ٦ / ٣٧٠.