للكافرين ، أو بالفعل أي دعا للكافرين بعذاب واقع أو بواقع ، أي : بعذاب نازل لأجلهم.
وعلى الثاني : هو كلام مبتدأ جواب للسائل ، أي : هو للكافرين انتهى.
قال أبو حيّان (١) : وقال الزمخشري : أو بالفعل ، أي : دعا للكافرين ، ثم قال : وعلى الثاني ، وهو ثاني ما ذكر في توجيهه للكافرين ، قال : هو كلام مبتدأ ، وقع جوابا للسائل ، أي : هو للكافرين ، وكان قد قرر أن «سأل» في معنى «دعا» فعدي تعديته ، كأنه قال : دعا داع بعذاب ، من قولك : دعا بكذا إذا استدعاه وطلبه ، ومنه قوله تعالى : (يَدْعُونَ فِيها بِكُلِّ فاكِهَةٍ آمِنِينَ) [الدخان : ٥٥] انتهى ، فعلى ما قرره ، أنه متعلق ب «دعا» يعني «بسأل» ، فكيف يكون كلاما مبتدأ جوابا للسائل ، أي : هو للكافرين ، هذا لا يصح.
قال شهاب الدين (٢) : وقد غلط أبو حيان في فهمه عن أبي القاسم قوله : وعلى الثاني إلى آخره ، فمن ثم جاء التخليط الذي ذكره الزمخشريّ ، إنما عنى بالثاني قوله عن قتادة : سأل سائل عن عذاب الله على من ينزل وبمن يقع ، فنزلت ، و «سأل» على هذا الوجه مضمن معنى «عني واهتم» ، فهذا هو الوجه الثاني المقابل للوجه الأول ، وهو أن «سأل» يتضمن معنى «دعا» ، ولا أدري كيف تخبط حتى وقع ، ونسب الزمخشري إلى الغلط ، وأنه أخذ قول قتادة والحسن وأفسده ، والترتيب الذي رتّبه الزمخشري ، في تعلق «اللام» من أحسن ما يكون صناعة ومعنى.
قال القرطبي (٣) : وقال الحسن : أنزل الله تعالى : (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ) ، وقال : لمن هو؟ فقال : «للكافرين» (٤) ، فاللام في «للكافرين» متعلقة ب «واقع».
وقال الفرّاء : التقدير : بعذاب للكافرين واقع ، فالواقع من نعت العذاب ، فاللام دخلت للعذاب لا للواقع.
أي : هذا العذاب للكافرين في الآخرة ، لا يدفعه عنهم أحد.
وقيل : إن اللام بمعنى «على» أي : واقع على الكافرين كما في قراءة أبيّ المتقدمة.
وقيل : بمعنى «عن» أي : ليس له دافع عن الكافرين.
قوله : (لَيْسَ لَهُ دافِعٌ).
يجوز أن يكون نعتا آخر ل «عذاب» ، وأن يكون مستأنفا ، والأول أظهر.
وأن يكون حالا من «عذاب» لتخصصه ، إما بالعمل وإما بالصفة ، وأن يكون حالا من الضمير في «للكافرين» إن جعلناه نعتا ل «عذاب».
__________________
(١) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٣٣٢.
(٢) ينظر : الدر المصون ٦ / ٣٧٣.
(٣) ينظر : الجامع لأحكام القرآن ٨ / ١٨٢ ـ ١٨٣.
(٤) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ١٤٥) وعزاه إلى ابن المنذر.