قال ثعلب : سألني محمد بن عبد الله بن طاهر : ما الهلع؟.
فقلت : قد فسّره الله ، ولا يكون أبين من تفسيره ، وهو الذي إذا ناله شر أظهر شدة الجزع ، وإذا ناله خير بخل به ومنعه. انتهى.
وأصله في اللغة على ما قال أبو عبيد : أشدّ الحرص وأسوأ الجزع ، وهو قول مجاهد وقتادة وغيرهما.
وقد هلع ـ بالكسر ـ يهلع هلعا وهلاعا فهو هلع وهالع وهلوع ، على التكثير.
وقيل : هو الجزع والاضطراب السريع عند مسّ المكروه ، والمنع السّريع عند مسّ الخير من قولهم : «ناقة هلواع» ، أي : سريعة السير ، قال المفسرون : معناه : أنه لا يصبر في خير ولا شر ، حتى يفعل فيهما ما لا ينبغي.
روى السدّي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : الهلواع ، الحريص على ما لا يحل له (١).
وقال عكرمة : هو الضّجور (٢).
وقال الضحاك : هو الذي لا يشبع (٣).
والمنوع : هو الذي إذا أصاب حق المال منع منه حق الله تعالى.
وقال ابن كيسان : خلق الله الإنسان يحبّ ما يسرّه ، ويرضيه ، ويهرب مما يكرهه ، ثم تعبّده الله بإنفاق ما يحب والصبر على ما يكره.
وقال أبو عبيدة : الهلواع الذي إذا مسّه الخير لم يشكر ، وإذا مسّه الضّرّ لم يصبر.
وقال عليه الصلاة والسلام : «شرّ ما أعطي العبد شحّ هالع ، وجبن خالع» (٤).
والعرب تقول : ناقة هلواعة ، وهلواع إذا كانت سريعة السّير خفيفة ؛ قال : [الكامل]
٤٨٦٦ ـ صكّاء ذعلبة إذا استدبرتها |
|
حرج إذا استقبلتها هلواع (٥) |
الذّعلب والذّعلبة : النّاقة السّريعة.
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٢٣٤) عن ابن عباس.
(٢) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٢٠) عن عكرمة وعزاه إلى ابن المنذر.
(٣) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٢٠) وعزاه إلى ابن المنذر.
(٤) أخرجه أبو داود (٢٥١١) وأحمد (٢ / ٢٣٠) والبخاري في «التاريخ الكبير» (٦ / ٨ ـ ٩) وابن حبان (٨٠٨ ـ موارد) وأبو نعيم في «الحلية» (٩ / ٥٠) والبيهقي (٩ / ١٧٠) والقضاعي في «مسند الشهاب» (٢ / ٢٧٠) رقم (١٣٣٨) من حديث أبي هريرة.
وقال الحافظ العراقي في «تخريج الإحياء» (٣ / ٢٥٣) رواه أبو داود بسند جيد.
(٥) ينظر : القرطبي ١٨ / ١٨٨.