وأنا أصوّر لكم مثله تطوفون به ، فصوّر لهم هذه الأصنام الخمسة ، وحملهم على عبادتها ، فلمّا كان أيام الطوفان دفنها الطين ، والتراب ، والماء ، فلم تزل مدفونة ، حتى أخرجها الشيطان لمشركي العرب وكانت للعرب أصنام أخر ، فاللات كانت لقديد ، وأساف ونائلة وهبل ، لأهل مكة (١).
قال الماورديّ : فأما «ود» فهو أول صنم معبود سمي «ودّا» لودهم له ، وكان بعد قوم نوح لكلب بدومة الجندل ، على قول ابن عباس وعطاء ومقاتل ؛ وفيه يقول شاعرهم : [البسيط]
٤٨٨٨ ـ حيّاك ودّ فإنّا لا يحلّ لنا |
|
لهو النّساء وإنّ الدّين قد عزما (٢) |
وأما «سواع» فكان لهذيل بساحل البحر في قولهم.
وقال ابن الخطيب (٣) : «وسواع لهمدان».
وأما «يغوث» فكان لقطيف من مراد بالجوف من سبأ ، في قول قتادة.
وقال المهدويّ : لمراد ثم لغطفان.
وقال الثعلبيّ : واتخذت ـ أعلى وأنعم ـ وهما من طيىء ، وأهل جرش من مذحج يغوث ، فذهبوا به إلى مراد ، فعبدوه زمانا ، ثمّ بني ناجية ، أرادوا نزعه من «أنعم» ففروا به إلى الحصين أخي بني الحارث بن كعب بن خزاعة.
وقال أبو عثمان المهدويّ : رأيت «يغوث» وكان من رصاص ، وكانوا يحملونه على جمل أجرد ، ويسيرون معه ولا يهيجونه ، حتى يبرك بنفسه ، فإذا برك نزلوا ، وقالوا : قد رضي لكم المنزل فيه فيضربون عليه بناء ، وينزلون حوله.
وأما «يعوق» فكان لهمدان ببلخ ، في قول عكرمة وقتادة وعطاء ، ذكره الماورديّ.
وقال الثعلبيّ : وأما «يعوق» فكان لكهلان من سبأ ، ثم توارثه بنوه الأكبر فالأكبر ، حتى صار في الهمداني.
وفيه يقول غط الهمداني : [الوافر]
٤٨٨٩ ـ يريش الله في الدّنيا ويبري |
|
ولا يبري يعوق ولا يريش (٤) |
وقيل : كان «يعوق» لمراد ؛ وأما «نسر» ، فكان لذي الكلاع من حمير ، في قول قتادة ومقاتل.
وقال الواقدي : كان «ودّ» على صورة رجل ، و «سواع» على صورة امرأة ،
__________________
(١) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٨ / ١٩٩) عن ابن عباس.
(٢) تقدم.
(٣) ينظر : الفخر الرازي ٣٠ / ١٢٨.
(٤) ينظر : القرطبي ١٨ / ٢٠٠ ، والبحر ٨ / ٣٣٥.