كافر معين لم تعلم خاتمته فلا يدعى عليه ؛ لأن مآله عندنا مجهول ، وربما كان عند الله معلوم الخاتمة بالسعادة وإنما خص النبي صلىاللهعليهوسلم بالدعاء على عتبة وشيبة وأصحابه لعلمه بمآلهم وما كشف له من الغطاء عن حالهم. والله أعلم.
قوله : (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَ).
العامة : على فتح الدال على أنه تثنية والد ؛ يريد : أبويه.
واسم أبيه : لمك بن متوشلخ ، واسم أمه : شمخى بنت أنوش ، وكانا مؤمنين.
وحكى الماورديّ : اسم أمه : منجل.
وقرأ الحسن بن علي (١) ـ رضي الله عنهما ـ ويحيى بن يعمر والنخعيّ : ولولدي ، تثنية ولد يعني : ابنيه ساما وحاما.
وقرأ ابن جبير (٢) والجحدري : «ولوالدي» ـ بكسر الدال ـ يعني أباه.
فيجوز أن يكون أراد أباه الأقرب الذي ولده ، وخصّه بالذّكر لأنه أشرف من الأم ، وأن يريد جميع من ولده من لدن آدم إلى زمن من ولده.
قال الكلبيّ : كان بينه وبين آدم عشرة آباء كلهم مؤمن.
وذكر القرطبي (٣) عن ابن عباس رضي الله عنه قال : لم يكفر لنوح والد فيما بينه وبين آدم عليهما الصلاة والسلام (٤).
قوله (وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً).
قال ابن عباس رضي الله عنه : أي : مسجدي ومصلاي (٥) ، «مؤمنا» ، أي : مصدّقا بالله ، ف «مؤمنا» حال ، وكان إنما يدخل بيوت الأنبياء من آمن بهم ، فجعل المسجد سببا للدعاء بالمغفرة.
وقيل : المراد بقوله «بيتي» ، أي : سفينتي.
وقال ابن عباس : أي : دخل في ديني (٦).
فإن قيل : فعلى هذا يصير قوله : «مؤمنا» مكررا.
فالجواب (٧) : إنّ من دخل في دينه ظاهرا قد يكون مؤمنا ، وقد لا يكون مؤمنا ، فالمعنى : ولمن دخل دخولا مع تصديق القلب.
__________________
(١) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٣٧٧ ، والبحر المحيط ٨ / ٣٣٧ ، والدر المصون ٦ / ٣٨٧.
(٢) ينظر السابق.
(٣) ينظر : الجامع لأحكام القرآن ١٨ / ٢٠٢.
(٤) ينظر تفسير القرطبي (١٨ / ٢٠١).
(٥) ينظر المصدر السابق.
(٦) ينظر المصدر السابق.
(٧) ينظر الفخر الرازي ٣٠ / ١٣٠.