والحارس : الحافظ الرقيب ، والمصدر الحراسة ، و «شديدا» صفة ل «حرس» على اللفظ ؛ كقوله : [الرجز]
٤٨٩٧ ـ أخشى رجيلا أو ركيبا عاديا (١)
ولو جاء على المعنى لقيل : «شداد» بالجمع ، لأن المعنى : ملئت ملائكة شداد ، كقولك السلف الصالح ، يعني : الصالحين.
قال القرطبيّ (٢) : «ويجوز أن يكون حرسا مصدرا على معنى : حرست حراسة شديدة».
قوله : «وشهبا». جمع «شهاب» ك «كتاب وكتب».
وقيل : المراد النجوم ، أو الحرس أنفسهم ، وهو انقضاض الكواكب المحرقة لهم عن استراقة السمع ، وقد تقدم في سورة «الحجر ، والصافات».
وإنّما عطف بعض الصفات على بعض عند تغاير اللفظ ، كقوله : [الطويل]
٤٨٩٨ ـ ............ |
|
وهند أتى من دونها النّأي والبعد (٣) |
وقرأ الأعرج (٤) : «مليت» بياء صريحة دون همزة.
قوله : (وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ) ، المقاعد : جمع «مقعد» اسم مكان ، والضمير في «منها» ، أي : من السماء ، والمقاعد مواضع يقعد في مثلها لاستماع الأخبار من السماء ، وذلك أنّ مردة الجن كانوا يفعلون ذلك ليستمعوا من الملائكة أخبار السماء فيلقوها إلى الكهنة فحرسها الله ـ تعالى ـ حين بعث رسوله بالشهب المحرقة ، فقالت الجن حينئذ : (فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً) يعني بالشهاب الكواكب المحرقة.
قوله «الآن». هو ظرف حالي ، واستعير هنا للاستقبال ، كقوله الشاعر : [الوافر]
٤٨٩٩ ـ ............ |
|
سأسعى الآن إذ بلغت إناها (٥) |
فاقترن بحرف التنفيس ، وقد تقدم هذا في البقرة عند قوله : (فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ)(٦).
__________________
(١) صدر بيت لعبد يغوث بن وقاص الحارثي ، وعجزه :
والذئب أخشاه وكلبا عاويا
ينظر اللسان (رجل) والكشاف ٤ / ١٢٤ ، والبحر ٨ / ٣٤٢ ، والدر المصون ٦ / ٣٩٢.
(٢) ينظر : الجامع لأحكام القرآن ١٩ / ٩.
(٣) تقدم.
(٤) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٣٨١ ، والبحر المحيط ٨ / ٣٤٢ ، والدر المصون ٦ / ٣٩٢.
(٥) عجز بيت وصدره :
فإني لست خاذلكم ولكن
ينظر الدسوقي على المغني ١ / ١٤٩ ، والبحر المحيط ٨ / ٣٤٢.
(٦) آية ١٨٧.