وقال القرطبي (١) : «المراد بها البيوت التي تبنيها أهل الملل للعبادة».
قال سعيد بن جبير رضي الله عنه : قالت الجن : كيف لنا أن نأتي المساجد ونشهد معك الصلاة ونحن ناؤون عنك؟ فنزلت : (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ) ، أي : بنيت لذكر الله ولطاعته(٢).
وقال ابن عبّاس : المساجد هنا مكة التي هي القبلة ، وسميت مكة مساجد ، لأن كلّ أحد يسجد إليها (٣).
قال القرطبيّ (٤) : «والقول بأنها البيوت المبنية للعبادة ، وهذا أظهر الأقوال ، وهو مروي عن ابن عباس».
قال ابن الخطيب (٥) : «قال الواحديّ : وواحد المساجد ـ على الأقوال كلّها ـ «مسجد» ـ بفتح الجيم ـ إلا على قول من يقول : إنها المواضع التي بنيت للصلاة ، فإنّ واحدها «مسجد» ـ بكسر الجيم ـ لأنّ المواضع ، والمصادر كلّها من هذا الباب ـ بفتح العين ـ إلا في أحرف معدودة وهي : المسجد ، والمطلع ، والمنسك ، والمسكن ، والمنبت ، والمفرق ، والمسقط ، والمجزر ، والمحشر ، والمشرق ، والمغرب وقد جاء في بعضها الفتح ، وهي : المنسك والمطلع والمسكن والمفرق ، وهو جائز في كلّها وإن لم يسمع».
قوله : «لله». إضافة تشريف وتكريم ، ثم خص بالذّكر منها البيت العتيق ، فقال تعالى: (وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ) [الحج : ٢٦]. وقال ـ عليه الصلاة والسلام ـ : «لا تشدّ الرّحال إلّا إلى ثلاثة مساجد» (٦).
وقال ـ عليه الصلاة والسلام ـ : «صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلّا المسجد الحرام» (٧).
وقد روي من طريق آخر لا بأس بها أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلّا في المسجد الحرام ، فإنّ صلاة فيه خير من مائة ألف صلاة في مسجدي هذا» (٨).
__________________
(١) ينظر : الجامع لأحكام القرآن ١٩ / ١٤.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٢٧١) عن سعيد بن جبير وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٣٦).
(٣) ذكره الماوردي في «تفسيره» (٦ / ١١٩) والقرطبي (١٩ / ١٥).
(٤) الجامع لأحكام القرآن ١٩ / ١٤.
(٥) ينظر الرازي ٣٠ / ١٤٤.
(٦) تقدم.
(٧) أخرجه البخاري ٣ / ٦٣ كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة : (١١٩٠) ومسلم (٢ / ١٠١٢) كتاب الحج باب فضل الصلاة بمسجدي مكة والمدينة (٥٠٥ / ١٣٩٤) ومالك في الموطأ ١ / ١٩٦ في كتاب القبلة ، باب : ما جاء في مسجد النبي صلىاللهعليهوسلم.
(٨) هذا الحديث ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٩ / ١٥) وقال : لو صح ولم يصححه كما قال المؤلف عقب الحديث.