وجل ـ افترض قيام الليل في أول هذه السورة ، فقام النبي صلىاللهعليهوسلم وأصحابه حولا ، وأمسك الله ـ عزوجل ـ خاتمتها اثني عشر شهرا في السماء ، حتى أنزل الله ـ عزوجل ـ في آخر السورة التخفيف ، فصار قيام الليل تطوعا بعد أن كان فريضة» (١).
وروى وكيع ، ويعلى عن ابن عباس قال : لما نزلت : (يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ) كانوا يقومون نحوا من قيامهم في شهر رمضان حتى نزل آخرها ، وكان بين نزول أولها وآخرها نحو من سنة (٢).
وقال سعيد بن جبير : مكث النبي صلىاللهعليهوسلم وأصحابه عشر سنين يقومون الليل ، فنزلت بعد عشر سنين (إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ) [المزمل : ٢٠] فخفف الله عنهم (٣).
وقيل : كان قيام الليل واجبا ، ثم نسخ بالصلوات الخمس.
وقيل : عسر عليهم تمييز القدر الواجب فقاموا الليل كلّه فشق ذلك عليهم فنسخ بقوله في آخرها (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ) وكان بين الوجوب ونسخه سنة.
وقيل : نسخ التقدير بمكة وبقي التهجد ، حتى نسخ بالمدينة.
وقيل : لم يجب التهجد قط لقوله (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ) [الإسراء : ٧٩] ، ولأنه لو وجب عليه صلىاللهعليهوسلم لوجب على أمته لقوله تعالى فاتبعوه [الأعراف : ١٥٨] ، والنسخ على خلاف الأصل ، ولأنه فرض تعيين المقدار أي المكلف وذلك ينافي الوجوب.
قوله : (إِلَّا قَلِيلاً نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً). للناس في هذا كلام كثير ، واستدلال على جواز استثناء الأكثر ، والنصف ، واعتراضات وأجوبة.
قال شهاب الدين (٤) : وها أنا أكذر ذلك محررا له بعون الله تعالى : اعلم أن في هذه الآية ثمانية أوجه :
__________________
(١) أخرجه مسلم (١ / ٢٥٢ ـ ٥١٣) صلاة المسافرين : باب جامع صلاة الليل حديث رقم (١٣٩ / ٧٤٦).
(٢) أخرجه الحاكم (٢ / ٥٠٥) من طريق داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس.
وقال الحاكم : صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٤١) وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن نصر والطبراني.
وقد أخرجه أبو داود (١ / ١٤٦) كتاب الصلاة : باب نسخ قيام الليل والتيسير فيه حديث (١٣٠٥) من طريق سماك الحنفي عن ابن عباس بنحوه.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٢٧٩) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٤١) وزاد نسبته إلى عبد بن حميد وابن أبي حاتم.
(٤) ينظر : الدر المصون ٦ / ٤٠١.