وقوله : «قليلا» ، نعت لمصدر ، أي : تمهيلا ، أو لظرف زمان محذوف ، أي : زمانا قليلا.
قوله : (إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالاً) ، جمع نكل ، وفيه قولان :
أشهرهما : أنه القيد.
وقيل : الغل ؛ وقالت الخنساء : [المتقارب]
٤٩٢٩ ـ دعاك فقطّعت أنكاله |
|
وقد كنّ من قبل لا تقطع (١) |
قال الحسن ومجاهد وغيرهما : الأنكال : القيود (٢) ، واحدها : نكل ، وهو ما منع الإنسان من الحركة ، وقيل : سمي نكلا ، لأنه ينكل به.
قال الشعبي : أترون أن الله جعل الأنكال في أرجل أهل النار خشية أن يهربوا ـ لا والله ـ ولكنهم إذا أراد أن يرتفعوا اشتعلت بهم (٣).
وقال الكلبيّ : الأنكال : الأغلال.
وقال مقاتل : الأنكال : أنواع العذاب الشديد (٤).
وقال عليه الصلاة والسلام : «إنّ الله يحبّ النّكل على النّكل» (٥) ـ قال الجوهريّ : بالتحريك ـ قيل : وما النكل؟ قال : «الرجل القوي المجرب على الفرس القوي المجرب». ذكره الماورديّ ، قال : ومن ذلك سمي القيد نكلا لقوته وكذلك الغلّ وكل عذاب قوي.
قال ابن الأثير : «النّكل ـ بالتحريك ـ من التنكيل ، وهو المنع ، والتنحية عما يريد يقال: رجل نكل ونكل ، كشبه وشبه ، أي : ينكل به أعداؤه ، وقد نكل الأمر ينكل ، ونكل ينكل : إذا امتنع ، ومنه النكول في اليمين وهو الامتناع منها وترك الإقدام عليها».
والجحيم : النار المؤجّجة.
(وَطَعاماً ذا غُصَّةٍ). «الغصّة» : الشجى ، وهو ما ينشب في الحلق فلا ينساغ ، ويقال : «غصصت» ـ بالكسر ـ فأنت غاصّ وغصّان ، قال : [الرمل]
__________________
(١) رواية الديوان :
دعاك فهتكت أغلاله |
|
وقد ظن قبلك لا تقطع |
ينظر : ديوانها (٦٧) ، والقرطبي ١٩ / ٣١ ، والبحر ٨ / ٣٥٦ ، والدر المصون ٦ / ٤٠٧.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٢٨٨) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٤٦) وزاد نسبته إلى أحمد في «الزهد» وعبد بن حميد وابن المنذر.
(٣) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٩ / ٣١).
(٤) ينظر : المصدر السابق.
(٥) ذكره الماوردي في «تفسيره» (٦ / ١٣٠) وتبعه القرطبي (١٩ / ٣١).