وقرأ أبو السمال (١) : «فكيف تتقون» بكسر النون على الإضافة.
والولدان : الصبيان.
وقال السديّ : هم أولاد الزنا (٢).
وقيل : أولاد المشركين ، والعموم أصح أي يوم يشيب فيه الصغير من غير كبر ، وذلك حين يقال لآدم : يا آدم قم فابعث بعثا للنار. قال القشيريّ : هم أهل الجنة ، يغيّر الله أحوالهم ، وأوصافهم على ما يريد.
وقيل : هذا ضرب مثل لشدة ذلك اليوم ، وهو مجاز لأن يوم القيامة لا يكون فيه ولدان ، لكن معناه : أن هيبة ذلك اليوم بحال لو كان فيه هناك صبي لشاب رأسه من الهيبة ، ويقال : هذا وقت الفزع قبل أن ينفخ في الصور نفخة الصعق. والله أعلم.
و «شيبا» : جمع «أشيب» ، وأصل الشين الضم فكسرت لتصح الياء ، نحو : أحمر وحمر ؛ قال الشاعر : [البسيط]
٤٩٣٩ ـ منّا الذي هو ما إن طرّ شاربه |
|
والعانسون ، ومنّا المرد والشّيب (٣) |
وقال آخر : [الطويل]
٤٩٤٠ ـ ............ . |
|
لعبن بنا شيبا ، وشيّبننا مردا (٤) |
قال الزمخشريّ : وفي بعض الكتب أن رجلا أمسى فاحم الشعر كحنك الغراب ، فأصبح وهو أبيض الرأس واللحية كالثغامة ، فقال : رأيت القيامة والجنة والنار في المنام ، ورأيت الناس يقادون في السلاسل إلى النار ، فمن هول ذلك أصبحت كما ترون.
ويجوز أن يوصف اليوم بالطول فإن الأطفال يبلغون فيه أوان الشيخوخة والشيب.
قال ابن الخطيب (٥) : إن الله تعالى ذكر من هول ذلك اليوم أمرين :
الأول : جعل الولدان شيبا وفيه وجهان :
الأول : أنه مثل في الشدة ، يقال في اليوم الشديد : يوم يشيّب نواصي الأطفال ، والأصل فيه أن الهموم ، والأحزان إذا تفاقمت (٦) على الإنسان ، أسرع فيه الشيب لأن
__________________
(١) ينظر : القرطبي ١٩ / ٣٤.
(٢) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٩ / ٣٤) عن السدي.
(٣) نسب البيت لأبي قيس بن رفاعة ، كما نسب إلى أبي قيس بن الأسلت.
ينظر إصلاح المنطق ص ٣٤١ ، والدرر ١ / ١٣١ ، وشرح شواهد المغني ص ٧١٦ ، والمقاصد النحوية ١ / ١٦٧ ، وأمالي القالي ٢ / ٦٧ ، وسر صناعة الإعراب ص ٦٨٣ ، وشرح الأشموني ١ / ٣٥ ، والأزهية ٩٧ ، ومغني اللبيب ص ٣٠٤ ، وهمع الهوامع ١ / ٤٥ ، وابن الشجري ٢٣٨١.
(٤) تقدم.
(٥) ينظر : الفخر الرازي ٣٠ / ١٦٢.
(٦) في أ : تعاظمت.