وقال الضحاك : هم الذين سبقت لهم منا الحسنى (١) ، ونحوه عن ابن جريج قال : كل نفس بعملها محاسبة إلا أصحاب اليمين ، وهم أهل الجنة فإنّهم لا يحاسبون.
وكذا قال مقاتل والكلبي أيضا : هم أصحاب الجنة الذين كانوا عن يمين آدم ـ عليه الصلاة والسلام ـ يوم الميثاق حين قال الله تعالى لهم : «هؤلاء في الجنة ولا أبالي».
قال الحسن وابن كيسان : هم المسلمون المخلصون ليسوا بمرتهنين ، لأنهم أدّوا ما كان عليهم(٢).
وعن أبي ظبيان عن ابن عباس قال : هم المسلمون (٣).
وقيل : إلا أصحاب الحق وأهل الإيمان.
وقيل : هم الذين يعطون كتبهم بأيمانهم.
وقال أبو جعفر الباقر : نحن وشيعتنا أصحاب اليمين ، وكل من أبغضنا أهل البيت فهم المرتهنون.
قوله تعالى : (فِي جَنَّاتٍ). يجوز أن يكون خبر مبتدأ مضمر ، أي : هم في جنات ، وأن يكون حالا من (أَصْحابَ الْيَمِينِ) ، وأن يكون حالا من فاعل «يتساءلون». ذكرهما أبو البقاء. ويجوز أن يكون ظرفا ل «يتساءلون» ، وهو أظهر من الحالية من فاعله.
و «يتساءلون» يجوز أن يكون على بابه ، أي : يسأل بعضهم بعضا ، ويجوز أن يكون بمعنى «يسألون» أي يسألون غيرهم ، نحو «دعوته وتداعيته».
قوله : (عَنِ الْمُجْرِمِينَ) فيه وجهان :
الأول : أن تكون كلمة «عن» صلة زائدة ، والتقدير : يتساءلون المجرمين ، فيقولون لهم : (ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ) ، فإنه يقال : سألته كذا ، وسألته عن كذا.
الثاني : أن يكون المعنى : أن أصحاب اليمين يسأل بعضهم بعضا عن أحوال المجرمين.
فإن قيل : فعلى هذا يجب أن يقولوا : (ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ)؟.
فأجاب الزمخشري عنه فقال : «المراد من هذا أن المشركين يلقون ما جرى بينهم وبين المؤمنين ، فيقولون : قلنا لهم : (ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ).
__________________
ـ وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٥٩) وزاد نسبته إلى عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
وذكره أيضا عن ابن عمر ونسبه إلى سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر.
(١) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٩ / ٥٧).
(٢) ينظر المصدر السابق.
(٣) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٥٩) وعزاه إلى ابن المنذر.