وقال الزمخشري : «وكأنها تطلب النّفار في نفوسها ، في جمعها له وحملها عليه».
فأبقى السّين على بابها من الطلب ، وهو معنى حسن.
قال أبو علي الفارسي : «الكسر في «مستنفرة» أولى لقوله : «فرّت» للتناسب ، لأنه يدل على أنها استنفرت ، ويدل على صحة ذلك ما روى محمد بن سلام قال : سألت أبا سوار الغنوي ـ وكان عربيا فصيحا ـ فقلت : كأنهم حمر ماذا؟ فقال : مستنفرة طردها قسورة ، فقلت : إنما هي فرّت من قسورة ، فقال : أفرت؟ قلت : نعم ، قال : فمستنفرة إذا» انتهى.
يعني : أنها مع قوله طرد ، تناسب الفتح ، لأنها اسم مفعول ، فلما أخبر بأن التلاوة (فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ) رجع إلى الكسر للتناسب إلا أنّ بمثل هذه الحكاية لا تردّ القراءة المتواترة.
والقسورة : قيل : الصّائد ، أي : نفرت وهربت من قسورة ، أي : من الصائد.
وقيل : الرّماة يرمونها.
وقيل : هو اسم جمع لا واحد له.
وقال بعض أهل اللغة : إن «القسورة» : الرامي ، وجمعه : القساورة.
ولذا قال سعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد وقتادة والضحاك وابن كيسان : «القسورة» وهم الرماة والصيّادون (١) ، ورواه عطاء عن ابن عباس وأبو ظبيان عن أبي موسى الأشعري ، وأنشدوا للبيد بن ربيعة : [الطويل]
٤٩٧٥ ـ إذا ما هتفنا هتفة في نديّنا |
|
أتانا الرّجال العائدون القساور (٢) |
وقيل : «القسورة» : الأسد. قاله أبو هريرة ، وابن عباس أيضا رضي الله عنه.
قال ابن عرفة : من القسر بمعنى القهر ، أي : أنه يقهر السّباع والحمر الوحشيّة تهرب من السباع ؛ ومنه قول الشاعر : [الرجز]
٤٩٧٦ ـ مضمر يحذره الأبطال |
|
كأنّه القسورة الرّئبال (٣) |
أي : الأسد ، إلا أن ابن عباس أنكره ، وقال لا أعرف القسورة أسد في لغة أحد من العرب ، وإنما القسورة : عصب الرجال ؛ وأنشد : [الرجز]
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٣٢٠ ـ ٣٢١) عن ابن عباس وأبي موسى وعكرمة وقتادة.
وأخرجه الحاكم (٢ / ٥٠٨) عن أبي موسى. وقال الحاكم : صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٦٠) وزاد نسبته إلى سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم. وذكره عن ابن عباس وعزاه إلى عبد بن حميد وابن أبي حاتم.
(٢) ينظر ذيل لبيد بن ربيعة ص ٢٢٦ ، والقرطبي ١٩ / ٥٨ ، والبحر ٨ / ٣٦٢ ، والدر المصون ٦ / ٤٢٣.
(٣) ينظر البحر ٨ / ٣٦٢ ، والدر المصون ٦ / ٤٢٣.