وأبو حيوة (١) ، وابن أبي عبلة ، ويزيد بن قطيب قال القرطبي (٢) : وابن أبي إسحاق وعيسى : «خسف» مبنيا للمفعول.
وهذا لأن «خسف» يستعمل لازما ومتعديا ، يقال : خسف القمر ، وخسف الله القمر.
وقد اشتهر أن الخسوف للقمر والكسوف للشمس.
وقال بعضهم : يكونان فيهما ، يقال : خسفت الشمس وكسفت ، وخسف القمر وكسف ، وتأيد بعضهم بقوله صلىاللهعليهوسلم : «إنّ الشّمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد» ، فاستعمل الخسوف فيهما ، وفي هذا نظر لاحتمال التغليب ، وهل هما بمعنى واحد أم لا؟ فقال أبو عبيد وجماعة : هما بمعنى واحد.
وقال ابن أبي أويس : الخسوف ذهاب كل ضوئهما والكسوف ذهاب بعضه.
قال القرطبي (٣) : الخسوف في الدنيا إلى انجلاء ، بخلاف الآخرة فإنه لا يعود ضوؤه ، ويحتمل أن يكون بمعنى «غاب» ، ومنه قوله تعالى : (فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ) [القصص: ٨١].
قوله تعالى : (وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) لم تلحقه علامة تأنيث ؛ لأن التأنيث مجازي.
وقيل : لتغليب التذكير. وفيه نظر ، لو قلت : «قام هند وزيد» لم يجز عند الجمهور من العرب.
وقال الكسائي : «جمع» حمل على معنى جرح النيران.
وقال الفراء والزجاج : جمع بينهما في ذهاب ضوئيهما فلا ضوء للشمس كما لا ضوء للقمر بعد خسوفه.
وقال ابن عباس وابن مسعود : جمع بينهما ، أي قرن بينهما في طلوعهما من المغرب أسودين مكوّرين مظلمين مقرّنين كأنهما ثوران عقيران (٤).
وقال عطاء بن يسار : يجمع بينهما يوم القيامة ثم يقذفان في البحر فيكونان نار الله الكبرى (٥).
وقال عليّ وابن عباس رضي الله عنهما : يجعلان في الحجب وقد يجمعان في نار
__________________
(١) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٤٠٣ ، والبحر المحيط ٨ / ٣٧٦ ، والدر المصون ٦ / ٤٢٧.
(٢) الجامع لأحكام القرآن ١٩ / ٦٣.
(٣) السابق.
(٤) ذكره الماوردي في «تفسيره» (٦ / ١٥٣) وينظر المصدر السابق.
(٥) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٣٣٢) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٦٥) وزاد نسبته إلى ابن المنذر.