وتمطى ـ هنا ـ فيه قولان :
أحدهما : أنه من «المطا» وهو الظهر ، ومعناه : يتبختر أي يمد مطاه ويلويه تبخترا في مشيته.
الثاني : أن أصله «يتمطّط» أي يتمدّد ، ومعناه : أنه يتمدد في مشيته تبخترا ، ومن لازم التبختر ذلك فهو يقرب من معنى الأول ، ويفارقه في مادته ، إذ مادة «المطا» : «م ط و» ، ومادة الثاني : «م ط ط» ، وإنما أبدلت الطاء الثانية ياء كراهية اجتماع الأمثال نحو : تطيبت ، وقصيت أظفاري ، وقوله : [الرجز]
٥٠١٢ ـ تقضّي البازي إذا البازي كسر (١)
والمطيطاء : التبختر ومد اليدين في المشي ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «المطيطاء وخدمتهم من فارس والرّوم كان بأسهم بينهم» (٢).
و «المطيط» : الماء الخاثر أسفل الحوض ؛ لأنه يتمطّط ، أي : يمتدّ فيه.
وقال القرطبي (٣) : التمطط : هو التمدد من التكسّل والتثاقل فهو متثاقل عن الداعي إلى الحق ، والتمطي يدل على قلة الاكتراث.
قوله : (أَوْلى لَكَ فَأَوْلى) تقدم الكلام عليه في أول سورة القتال ، وإنما كررها هنا مبالغة في التهديد والوعيد ، فهو تهديد بعد تهديد ووعيد بعد وعيد ؛ قالت الخنساء : [المتقارب]
٥٠١٣ ـ هممت بنفسي كلّ الهموم |
|
فأولى لنفسي أولى لها (٤) |
وقال أبو البقاء هنا : «وزن» أولى فيه قولان :
أحدهما : «فعلى» والألف فيه للإلحاق لا للتأنيث.
والثاني : هو «أفعل» ، وهو على القولين هنا «علم» ، ولذلك لم ينون ، ويدل عليه ما حكى أبو زيد في «النوادر» : هي أولاة ـ بالتاء ـ غير مصروف ، لأنه صار علما للوعيد ، فصار كرجل اسمه أحمد ، فعلى هذا يكون أولى مبتدأ ، و «لك» الخبر.
__________________
(١) تقدم.
(٢) أخرجه ابن المبارك في «الزهد» رقم (١٨٧) والترمذي (٢ / ٤٢ ـ ٤٣) وابن عدي في «الكامل» (١ / ٣٢٣) من حديث ابن عمر.
وله شاهد من حديث أبي هريرة. ذكره الهيثمي في «المجمع» (١٠ / ٢٤٠) وقال : رواه الطبراني في «الأوسط» وإسناده حسن.
(٣) الجامع لأحكام القرآن ١٩ / ٧٤.
(٤) ينظر ديوانها ص ٨٣ ، وابن الشجري ١ / ٢٤٣ ، ٢ / ٣٢٥ ، والخصائص ٣ / ٤٤ ، ومجمع البيان ١٠ / ٦٠٥ ، ٨٤١.