وقال الأخفش : (فَلا صَدَّقَ) أي : لم يصدق ، كقوله تعالى : (فَلَا اقْتَحَمَ) أي : لم يقتحم ، ولم يشترط أن يعقبه بشيء آخر ، والعرب تقول : لا ذهب ، أي : لم يذهب ، فحرف النفي ينفي الماضي كما ينفي المستقبل ، ومنه قول زهير : [الطويل]
٥٠١٠ ـ ............ |
|
فلا هو أبداها ولم يتقدّم (١) |
فصل في معنى الآية
قال ابن عباس رضي الله عنهما : معناه لم يصدق بالرسالة (٢) ، (وَلا صَلَّى) أي : دعا لربه ـ عزوجل ـ وصلى على رسوله عليه الصلاة والسلام.
وقال قتادة : (فَلا صَدَّقَ) بكتاب الله (وَلا صَلَّى) لله تعالى (٣).
[وقيل : لا صدق بمال ذخرا له عند الله تعالى (وَلا صَلَّى) الصلوات التي أمر الله بها.
وقيل : فلا آمن بقلبه](٤) ولا عمل ببدنه.
قيل : المراد أبو جهل.
وقيل : الإنسان المذكور في قوله : (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ) [القيامة : ٣].
قوله : (وَلكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى) الاستدراك هنا واضح ؛ لأنه لا يلزم من نفي التصدق والصلاة ، التكذيب والتولي لأن كثيرا من المسلمين كذلك فاستدرك ذلك بأن سببه التكذيب والتولي ، ولهذا يضعف أن يحمل نفي التصديق على نفي تصديق الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ لئلا يلزم التكرار فتقع «لكن» بين متوافقين ، وهو لا يجوز.
قال القرطبي (٥) : ومعناه كذب بالقرآن ، وتولى عن الإيمان.
قوله تعالى : (ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى). أي : يتبختر افتخارا بذلك. قاله مجاهد وغيره.
«يتمطّى» جملة حالية من فاعل «ذهب» ، ويجوز أن يكون بمعنى شرع في التمطّي ؛ كقوله : [الطويل]
٥٠١١ ـ فقام يذود النّاس عنها بسيفه (٦)
__________________
(١) عجز بيت وصدره :
وكان طوى كشحا على مستكنه
ينظر ديوان زهير ص ٢٢ ، واللسان طوى ، والقرطبي ١٩ / ٨٤.
(٢) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٩ / ٧٤).
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٣٥٠).
(٤) سقط من : أ.
(٥) ينظر الجامع لأحكام القرآن ١٩ / ٧٤.
(٦) تقدم.