(الحملة الأولى) ولعل أمه تكره خروجه. فقال الشاب : أمي أمرتني يابن رسول الله.
وفي (الناسخ) قال الحسين عليهالسلام : يا فتى قتل أبوك ، وإذا قتلت فإلى من تلتجئ أمك في هذا القفر؟. فأراد أن يرجع ، فجاءته أمه وقالت : يا بني تختار سلامة نفسك على نصرة ابن بنت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلا أرضى عنك أبدا!.
فبرز الشاب وقاتل قتال الأبطال ، وأمه تنادي خلفه : أبشر يا بني ، ستسقى من يد ساقي حوض الكوثر. فبرز وهو يقول :
أميري حسين ونعم الأمير |
|
سرور فؤاد البشير النذير |
عليّ وفاطمة والداه |
|
فهل تعلمون له من نظير |
فما أسرع أن قتل ورمي برأسه إلى جهة الحسين عليهالسلام ، فأخذت أمه رأسه ومسحت الدم عنه ، وقالت له : أحسنت يا بني ، يا قرة عيني وسرور قلبي. ثم رمت برأس ابنها رجلا فقتلته (١) ، وعادت إلى المخيم فأخذت عمود خيمة وحملت على القوم وهي تقول :
أنا عجوز في النساء ضعيفه |
|
خاوية بالية نحيفه |
أضربكم بضربة عنيفه |
|
دون بني فاطمة الشريفه |
فضربت رجلين فقتلتهما ، فردّها الحسين عليهالسلام إلى الخيمة ودعا لها (٢).
ـ تعليق السيد محسن الأمين على شهادة الغلام السابق :
(أعيان الشيعة ، ج ٤ ص ٢٣٤)
يقول السيد الأمين رحمهالله : وهذا منتهى علوّ النفس وصدق الولاء ، من هذه المرأة وابنها ، أن يكون زوجها قد قتل وهي تنظر إليه ، ثم تأمر ولدها الشاب بنصرة الحسين عليهالسلام ، وهي تعلم أنه مقتول ، فتسوقه إلى القتل مختارة طائعة ، ويطيعها ابنها في ذلك ، فيقدم على القتل غير مبال ولا وجل. ثم يرخّص له الحسين عليهالسلام في ترك القتال مخافة أن تكون أمه تكره قتاله ، بعدما قتل أبوه في المعركة ، فيأبى ويقول : أمي أمرتني بذلك.
__________________
(١) مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣١٤ نقلا عن مناقب ابن شهر اشوب ، ج ٣ ص ٢١٩.
(٢) مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣١٥ نقلا عن البحار للمجلسي ، ج ١٠ ص ١٩٨.