الفصل الرابع والثلاثون
يزيد وأبوه في الميزان
ترجمة يزيد بن معاوية
بعد موت معاوية بن أبي سفيان ـ أول من ابتدع الملكية في الإسلام ـ خلفه على الملك ابنه يزيد ، سنة ٦٠ ه. وقد كان معاوية أكره المسلمين على بيعة يزيد ، وهو يعلم أن ابنه رجل فاجر معلن بالفسق ، يبيح الخمر والزنا وقتل النفس المحترمة ، ويجالس الغانيات على موائد الشراب ...
فلما مات معاوية أنكر المسلمون بيعة يزيد وقاموا عليه في العراق والحجاز.
وقد أتى يزيد في مدة خلافته الوجيزة وهي أربع سنوات ، بثلاث موبقات عظام ، لو أتى أحد من المسلمين واحدة منها لخرج عن ربقة الإسلام ، واستوجب غضب الجبار والخلود في النار.
وهذه الموبقات هي : قتل الإمام الحسين عليهالسلام وأهل بيت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وسبي نسائه وذريته. ثم استباحة المدينة المنورة ثلاثة أيام ، وأخذ أهلها من المهاجرين والأنصار عبيدا ليزيد ، وذلك في وقعة الحرة ، التي كانت بقيادة مسلم بن عقبة. ثم محاصرة مكة المكرمة ورمي الكعبة بالمنجنيق وحرقها بالنار ، على يد الحصين بن نمير.
ومن لطف الله بالمسلمين أن حكم يزيد لم يدم طويلا ، إذ مات في مستهل شبابه بعد أربع سنوات من حكمه وعمره ٣٨ عاما. وقيل : إنه مات أثناء تلهّيه بالصيد في (حوّارين) شرق حمص. ولم يعثر من جثته إلا على فخذه ، فنقلت إلى دمشق ودفنت قرب مقبرة باب الصغير اليوم ، في غرفة مهجورة ليس لها سقف ، يرميها المارة بالحجارة ، تبرّؤا من يزيد ومن أفعاله المنكرة.