إن مشهد الإمام الحسين عليهالسلام في وضعه الحاضر مهدوم وخراب. وقد كنت أزوره قبل الحرب العالمية الأولى وكان عامرا ، وكنا نقصده أيام عاشوراء للتبرك ، وفي غير أيام عاشوراء للنزهة في جواره. وكانت آثاره الهندسية داعية للإعجاب ، يقصده أهل الشيعة والسنة ، ويقصده الأجانب من علماء الآثار والتاريخ لتدوين ما فيه.
ـ كيف تدمّر بناء المشهد؟ :
وفي أيام الحرب العالمية الثانية استعمل المشهد مستودعا للذخائر الحربية النارية ، واستمر على ذلك إلى أواخر سنة ١٣٣٧ ه ، وذلك حين خروج الانكليز من حلب ودخول الفرنسيين إليها. وكان الحرس الذين يحرسونه من قبل الانكليز قد انصرفوا عنه ، فهجم عليه جماعة من رعاع الناس وغوغائهم ونهبوا ما فيه من الذخائر والسلاح.
وبينما كان بعض أولئك الغوغاء يعالج قنبلة لاستخراج ما فيها من البارود ، إذ أورت نارا ، فلم يشعر إلا وقد انفجرت ، وسرت منها النار بأسرع من لمح البصر إلى غيرها من الأعتاد النارية المتفرقعة ، فانفجرت جميعها انفجار بركان عظيم ، سمع له دوي من بعد ساعات ، وشعرنا ونحن في منازلنا بحلب ، كأن الأرض قد تزلزلت ، مصحوبة بدويّ كهزيم الرعد القاصف ، وقد تهدم بنيان هذا المشهد كله سوى قليل منه ، وتطايرت أنقاضه في الهواء. وسقط بعضها على من فيه من الحراس ، فهلكوا عن آخرهم ، ويقدّر عددهم بثلاثين إنسانا على أقل تقدير ، أخرج بعضهم من تحت الردم أمواتا ، وترك الباقون.
(أقول) : وقد ظلّ المشهد تلة من الأنقاض ، حتى قيّض الله له المغفور له العلامة السيد حسين يوسف مكي ، فأعاد بناءه ورفع قواعده كما كانت.
ـ عادات أهل حلب في شهر المحرم :
(نهر الذهب في تاريخ حلب ، ج ١ ص ٢٦٧)
يقول كامل الغزي الحلبي :
فمما اعتاده أهل حلب المسلمون في أول يوم من شهر محرم ، أن يتناولوا فيه طعاما حلوا ، ويخرج فيه جماعة من العجزة والفقراء ، ويدورون على أبواب البيوت