وحين بلغه نبأ مسير الحسين عليهالسلام لمناهضة الباطل وتجديد الدين ، تجددت في نفسه مآسيه السابقة وذكرياته السالفة ، فأسرع لنصرة الحسين عليهالسلام وخدمة أهل البيت (ع) ، حتى استشهد رضوان الله عليه ، بعد بلاء مرير ، وبعد أن أظهر لجيوش الأعداء ، كيف يكون الإباء والشمم والإيمان بالمبدأ ، وأنه ليس هناك إلا النفس الكريمة تسيل على حدّ السيوف في مثل لمح البصر ، فتروي نبتة الحق والحقيقة ، وتفوز بالخلود في الفردوس الأعلى مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين.
٧٢ ـ تنافس بقية الأصحاب على الموت :
(مقتل أبي مخنف المقتبس من الطبري ، ص ١٣٨)
قال أبو مخنف : فلما رأى أصحاب الحسين عليهالسلام [أنهم قد غلبوا] وأن الأعداء قد كثروا ، وأنهم لا يقدرون على أن يمنعوا حسينا عليهالسلام ولا أنفسهم ، تنافسوا في أن يقتلوا بين يديه.
شهادة حنظلة بن أسعد الشبامي رحمهالله
٧٣ ـ مصرع حنظلة بن أسعد الشبامي :
(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٢٤)
ثم جاء إليه حنظلة بن أسعد العجلي الشبامي (١) فوقف بين يدي الحسين عليهالسلام يقيه السهام والرماح والسيوف بوجهه ونحره ، وأخذ ينادي : (يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزابِ (٣٠) مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ (٣١) وَيا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ (٣٢) يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ ما لَكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ) (٣٣) [غافر : ٣٠ ـ ٣٣]. ويا قوم لا تقتلوا حسينا فيسحتكم
__________________
(١) ذكر الطبري أن اسمه (حنظلة بن سعد) ، وفي اللهوف أنه (الشامي) وأنه استشهد قبل صلاة الخوف.