ثم قال : يا علي ، أراد أبوك أن يدعى بأمير المؤمنين ، فقطع الله شأفته ، ومنحني أعناقكم ؛ فأخذت أموالكم ، وقتلت رجالكم ، وسبيت نساءكم ، وأبطلت أحدوثتكم. فقال علي بن الحسين عليهالسلام : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) (٢٢) [الحديد : ٢٢]. فرفع يزيد رأسه إليه ولم يضرب عنقه ، فأخرج من بين يديه. فصاحت به أم كلثوم : إلى أين يا حبيبي؟. فقال لها : إلى السيف يا عمة. فصاحت : وا غوثاه بالله عزوجل ، وا بقية من لا يبقى (من) سلالة نبي الهدى ، يا بقية ابن علي المرتضى.
قال : فضجّ الناس بالبكاء. فقال رجل من القوم : يا يزيد ردّ الغلام ، وإلا فأنت مقتول. فردّه.
٥٦١ ـ مجادلة الطفل محمّد الباقر عليهالسلام ليزيد في محضر أبيه زين العابدين عليهالسلام :
(نفس المهموم للشيخ عباس القمي ، ص ٤٣٧)
وفي (إثبات الوصية) للمسعودي ، ص ٣٠ :
فلما استشهد الحسين عليهالسلام حمل علي بن الحسين عليهالسلام مع الحرم ، وأدخل على اللعين يزيد. وكان لابنه محمّد الباقر عليهالسلام سنتان وشهور ، فأدخل معه. فلما رآه يزيد قال له: كيف رأيت صنع الله يا علي؟. قال : رأيت ما قضاه الله عزوجل قبل أن يخلق السموات والأرض.
فشاور يزيد جلساءه في أمره ، فأشاروا عليه بقتله ، وقالوا له الكلمة الخبيثة التي طويت كشحا عن نقلها. فابتدر أبو جعفر الباقر عليهالسلام الكلام ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال ليزيد : لقد أشار عليك هؤلاء بخلاف ما أشار جلساء فرعون عليه ، حيث شاورهم في موسى وهرون ، فإنهم قالوا له : (أَرْجِهْ وَأَخاهُ) (١) [الشعراء : ٣٦]. وقد أشار هؤلاء عليك بقتلنا ، ولهذا سبب. فقال يزيد : وما السبب؟. فقال : إن هؤلاء كانوا الرّشدة ، وهؤلاء لغير رشدة ، ولا يقتل الأنبياء وأولادهم إلا أولاد الأدعياء. فأمسك يزيد مطرقا.
__________________
(١) أرجه : أي أخّر أو احبس.