٣٨ ـ مصرع مسلم بن عوسجة الأسدي ووصيته لحبيب بن مظاهر ، وما شهده شبث بن ربعي بمسلم : (مقتل الحسين للمقرم ، ص ٢٩٧)
ثم حمل عمرو بن الحجاج من نحو الفرات فاقتتلوا ساعة ، وفيها قاتل مسلم ابن عوسجة ، فشدّ عليه مسلم بن عبد الله الضبابي وعبد الله بن خشكارة البجلي (١) وثارت لشدة الجلاد غبرة شديدة ، وما انجلت الغبرة إلا ومسلم صريعا وبه رمق. فمشى إليه الحسين عليهالسلام ومعه حبيب بن مظاهر الأسدي ، فقال له الحسين عليهالسلام : رحمك الله يا مسلم (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) [الأحزاب : ٢٣]. ودنا منه حبيب وقال : عزّ عليّ مصرعك يا مسلم ، أبشر بالجنة. فقال قولا ضعيفا : بشّرك الله بخير. قال حبيب : لو لم أعلم أني في الأثر لأحببت أن توصي إليّ بكل ما أهمّك [حتى أحفظك في ذلك ، لما أنت أهله في القرابة والدين (٢)]. فقال له مسلم : بل أوصيك بهذا [وأشار إلى الحسين عليهالسلام] أن تموت دونه. فقال : أفعل وربّ الكعبة (٣) فما أسرع من أن مات. [وفي اللهوف ، ص ٦٠ أنه قال : لأنعمنّك عينا ثم مات] رضوان الله عليه.
وفي (مقتل الخوارزمي) ج ٢ ص ١٦ :
فصاحت جارية له : يا سيداه!. يابن عوسجتاه!.
فنادى أصحاب عمر بن سعد مستبشرين : قتلنا مسلم بن عوسجة. فقال شبث بن ربعي لبعض من حوله : ثكلتكم أمهاتكم ، أما إنكم تقتلون أنفسكم بأيديكم ، وتذلّون عزّكم [وفي رواية ابن الأثير : وتذلّون أنفسكم لغيركم]. أتفرحون أن يقتل مثل مسلم بن عوسجة؟!. أما والذي أسلمت له ، لربّ موقف له في المسلمين كريم. والله لقد رأيته يوم (سلق أذربيجان) ، قتل ستة من المشركين قبل أن تلتئم خيول المسلمين [أفيقتل مثله وتفرحون؟!].
__________________
(١) في مناقب ابن شهر اشوب أن الّذي قتله : مسلم الضبابي وعبد الرحمن البجلي.
(٢) مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٢٣.
(٣) تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٤٩ ، وقد اعتبر شهادة مسلم أول الأصحاب.