فأقبل على أم كلثوم عليهاالسلام وقال لها : أوصيك يا أخيّة بنفسك خيرا ، وإني بارز إلى هؤلاء القوم. فأقبلت سكينة وهي صارخة وكان يحبها حبا شديدا ، فضمّها إلى صدره ومسح دموعها بكمه ، وقال :
سيطول بعدي يا سكينة فاعلمي |
|
منك البكاء إذا الحمام دهاني |
لا تحرقي قلبي بدمعك حسرة |
|
ما دام مني الروح في جثماني |
فإذا قتلت فأنت أولى بالذي |
|
تأتينه يا خيرة النسوان |
١٢٤ ـ نعي الحسين عليهالسلام نفسه ، وطلب نسائه الرجوع إلى حرم جدهمصلىاللهعليهوآلهوسلم (مقتل أبي مخنف ، ص ٨٤)
قال أبو مخنف : ثم نادى عليهالسلام : يا أم كلثوم ويا زينب ويا سكينة ويا رقية ويا عاتكة ويا صفية ، عليكنّ مني السلام ، فهذا آخر الاجتماع ، وقد قرب منكن الافتجاع. فصاحت أم كلثوم : يا أخي كأنك استسلمت للموت!. فقال لها الحسين عليهالسلام : يا أختاه فكيف لا يستسلم من لا ناصر له ولا معين!. فقالت :
يا أخي ردّنا إلى حرم جدنا. فقال لها : يا أختاه هيهات هيهات ، لو ترك القطا ليلا لنام. فرفعت سكينة صوتها بالبكاء والنحيب ، فضمّها الحسين عليهالسلام إلى صدره الشريف وقبّلها ومسح دموعها بكمّه.
١٢٥ ـ الوداع الأخير (أسرار الشهادة للفاضل الدربندي ، ص ٤٢٣)
(وفي رواية) فنادى في تلك الحالة : يا زينب يا أم كلثوم ويا سكينة يا رقية يا فاطمة ، عليكنّ مني السلام. فأقبلت زينب عليهاالسلام فقالت : يا أخي ، أيقنت بالقتل؟. فقال عليهالسلام : كيف لا أيقن وليس لي معين ولا نصير؟. فقالت :
يا أخي ردّنا إلى حرم جدنا. فقال عليهالسلام : هيهات ، لو تركت ما ألقيت نفسي في المهلكة ، وكأنكم غير بعيد كالعبيد ، يسوقونكم أمام الركاب ، ويسومونكم سوء العذاب. فلما سمعته زينب عليهاالسلام بكت ، وجرى الدموع من عينيه ، ونادت :
وا وحدتاه ، وا قلة ناصراه ، وا سوء منقلباه ، وا شؤم صباحاه. فشقّت ثوبها ونشرت شعرها ولطمت على وجهها. فقال الحسين عليهالسلام : مهلا لها ، يا بنت المرتضى ، إن البكاء طويل. فأراد أن يخرج من الخيمة ، فلصقت به زينب عليهاالسلام فقالت : مهلا يا أخي ، توقّف حتى أزوّد من نظري ، وأودّعك وداع مفارق لا تلاق