بأخيك وأهل بيتك؟. فقالت : ما رأيت إلا جميلا. هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل ، فبرزوا إلى مضاجعهم ، وسيجمع الله بينك وبينهم ، فتحاجّ وتخاصم (١) ، فانظر لمن الفلج [أي الفوز] يومئذ ، ثكلتك أمّك يابن مرجانة.
فغضب ابن زياد واستشاط من كلاهما معه ، في ذلك المحتشد ، وكأن همّ بها. فقال له عمرو بن حريث : أيها الأمير ، إنها امرأة ، والمرأة لا تؤاخذ بشيء من منطقها ، ولا تذمّ على خطئها.
فالتفت إليها ابن زياد وقال : لقد شفى الله قلبي من طاغيتك الحسين ، والعصاة المردة من أهل بيتك.
فرقّت العقيلة زينب عليهاالسلام وبكت وقالت له : لعمري لقد قتلت كهلي ، وأبرزت أهلي ، وقطعت فرعي ، واجتثثت أصلي. فإن كان هذا شفاؤك فقد اشتفيت.
فقال ابن زياد : هذه سجّاعة ، ولعمري لقد كان أبوها سجّاعا شاعرا.
فقالت عليهالسلام : ما للمرأة والسجاعة ، إن لي عن السجاعة لشغلا ، ولكن صدري نفث بما قلت.
٣٢٢ ـ ملاسنة زين العابدين عليهالسلام لابن زياد ، ومحاولة قتله :
(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٨٥)
ثم عرض عليه علي بن الحسين عليهماالسلام ، فقال : من أنت؟. فقال : أنا علي بن الحسين عليهالسلام. فقال : أليس قد قتل الله علي بن الحسين؟. فقال له علي عليهالسلام : قد كان لي أخ (أكبر مني) يسمّى عليا ، قتله الناس. فقال ابن زياد : بل الله قتله.
فقال علي بن الحسين عليهماالسلام : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها) [الزمر : ٤٢] ، (وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) [آل عمران : ١٤٥]. فغضب ابن زياد ، وقال : وبك جرأة لجوابي ، وفيك بقية للردّ عليّ؟!. اذهبوا فاضربوا عنقه. فتعلقت به زينب عليهاالسلام وقالت : يابن زياد حسبك من دمائنا ما سفكت ، وهل أبقيت أحدا غير هذا؟. واعتنقته وقالت : لا والله لا أفارقه ، فإن قتلته فاقتلني معه. فنظر ابن زياد إليها وإليه ساعة ، ثم قال : عجبا للرحم. والله إني لأظنها ودّت أني قتلتها معه. دعوه فإني أراه لما به.
__________________
(١) تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٦٢.