٣٥٣ ـ استجواب ابن زياد لعبيد الله بن الحر الجعفي :
(مقتل أبي مخنف المقتبس من الطبري ، ص ٢٤٤ و ٢٤٥)
قال أبو مخنف : حدّثني عبد الرحمن بن جندب الأزدي ، أن عبيد الله بن زياد بعد قتل الحسين عليهالسلام تفقّد أشراف الكوفة ، فلم ير عبيد الله بن الحر. ثم جاءه بعد أيام حتى دخل عليه ، فقال : أين كنت يابن الحر؟. قال : كنت مريضا. قال : مريض القلب أو مريض البدن؟. قال : أما قلبي فلم يمرض ، وأما بدني فقد منّ الله عليّ بالعافية. فقال له ابن زياد : كذبت ؛ ولكنك كنت مع عدونا. قال : لو كنت مع عدوّك لرئي مكاني ، وما كان مثل مكاني يخفى.
قال : وغفل عنه ابن زياد غفلة ، فخرج ابن الحر فقعد على فرسه. فقال ابن زياد : أين ابن الحر؟. قالوا : خرج الساعة. قال : عليّ به. فأحضرت الشّرط فقالوا له : أجب الأمير. فدفع فرسه ، ثم قال : أبلغوه أني لا آتيه والله طائعا أبدا.
ثم خرج حتى أتى منزل أحمر بن زياد الطائي ، فاجتمع إليه في منزله أصحابه.
ثم خرج حتى أتى كربلاء ، فنظر إلى مصارع القوم ، فاستغفر لهم هو وأصحابه.
ثم مضى حتى نزل المدائن. وقال في ذلك :
يقول أمير غادر حقّ غادر : |
|
ألا كنت قاتلت الشهيد ابن فاطمه؟ |
ونفسي على خذلانه واعتزاله |
|
وبيعة هذا الناكث العهد لائمه |
فيا ندمي أن لا أكون نصرته |
|
ألا كل نفس لا تسدّد نادمه |
وإني لأني لم أكن من حماته |
|
لذو حسرة ما إن تفارق لازمه |
سقى الله أرواح الذين تآزروا |
|
على نصره سقيا من الغيث دائمه |
وقفت على أجداثهم ومحالهم |
|
فكاد الحشى ينقضّ والعين ساجمه |
لعمري لقد كانوا مصاليت في الوغى |
|
سراعا إلى الهيجا حماة خضارمه |
تأسّوا على نصر ابن بنت نبيّهم |
|
بأسيافهم آساد غيل ضراغمه |
فإن يقتلوا في كل نفس بقية |
|
عليا لأرض قد أضحت لذلك واجمه |
وما إن رأى الراؤون أفضل منهم |
|
لدى الموت سادات وزهرا قماقمه |
أتقتلهم ظلما وترجو ودادنا |
|
فدع خطّة ليست لنا بملائمه |
لعمري لقد أرغمتمونا بقتلهم |
|
فكم ناقم منا عليكم وناقمه |
أهمّ مرارا أن أسير بجحفل |
|
إلى فئة زاغت عن الحق ظالمه |