ونحن إذا تركنا شكّنا في نسبة هذا الكتاب للعبيدلي ، وتجاوزنا عن عدم وثوقنا بالعبيدلي لتعصبه ، فإننا نرفض ما جاء في كتابه من عدة وجوه :
منها : أنه انفرد في قوله بأن زينب العقيلة عليهالسلام قد توفيت في القاهرة ، ودفنت هناك في (قناطر السباع) ، مع أن العلماء الذين هم من أهل مصر وأرّخوا لها لم يذكروا ذلك ؛ مثل القضاعي والمقريزي والسيوطي والقاضي العدوي ... بل إنهم صرّحوا بأنه لم يمت لعلي بن أبي طالب عليهالسلام ولد لصلبه في مصر. وكذلك الذين زاروا مصر لم يذكروا ذلك ، مثل الرحالة ابن جبير.
ومنها : أن والي المدينة من قبل يزيد وهو عمرو بن سعيد الأشدق ، لم تكن له أية قوة أو سيطرة على المدينة ، لنموّ أثر ابن الزبير فيها ، حتى يخرج زينب عليهالسلام منها ، والهاشميون يسكتون عن ذلك!.
ومنها : أن زوج العقيلة عبد الله بن جعفر ، كان معها في المدينة ، وكانت له حظوة وكلمة عند الأمويين ، فهل يسمح لهم بتسفير ونفي زوجته إلى مصر لوحدها ، إذ لم يذكر أنه كان معها إلا فاطمة بنت الحسين عليهالسلام وأختها سكينة ؛ فهذا دونه خرط القتاد.
ومنها : ما ذكر عند وصولها مصر ، أنها نزلت في دار الحمراء لمسلمة بن مخلّد والي مصر ، فأقاكت هناك سنة ، ثمّ توفيت ، وصلى عليها مسلمة. وهذا كان مع معاوية بن حديج ، من أكبر أعداء أهل البيت عليهالسلام ، فهل يعقل أن تنزل العقيلة في بيته ويستضيفها ، وهي الأبية الهاشمية التي ورثت الأنفة والعزة من أجدادها!.
ومنها : ما يذكرون من أنه في العهد الفاطمي كان الملك كل سنة في المحرم يقوم بزيارة مراقد أهل البيت عليهالسلام ، فيبدأ بقبر السيدة نفيسة بنت الحسن الأنور ، ويختتم بزيارة رأس الحسين عليهالسلام. فلو كانت زينب عليهالسلام مدفونة هناك ، لكان الأولى أن يبدأ بزيارة قبرها ، ويختتم بزيارة رأس أخيها الحسين عليهالسلام.
ومنها : أن أهل مصر كانوا كنانة معاوية ومن أكبر أنصاره ، ولذلك لم يفكّر الإمام الحسين عليهالسلام بنصرتهم والتوجه إليهم ، فكيف تختار زينب عليهالسلام مصر لتكون مكانا لنفيها وهجرتها؟!.
٧٧٥ ـ زينب الشام :
ثم قال والدي : بقي أن نولي وجهنا شطر الشام ، حيث المقام الزينبي البهي ، في ضاحية دمشق الجنوبية ، يقوم عليه السادة آل مرتضى الكرام ، منذ لا أقل من سبعمائة