وبعد استشهاده عليهالسلام حدثت معجزات جمّة ؛ منها صيحة جبرئيل ومشيه في الميدان باكيا نائحا ، وكسوف الشمس ، وغلبة الظلمة ، وطيران النجوم ، وإرعاد السماء ، وإمطارها دما عبيطا [أي طريا لا يجمد) ، ووجود الدماء العبيطة تحت كل حجر ومدر في جميع أصقاع الأرض ، وكون جدران بيوت جملة من البلدان كالملاحف المعصفرة ، وزلزلة الأرض ، وبكاء جميع الموجودات ، مما يرى ومما لا يرى ، وتلاطم البحار ، وخروج الحيتان منها إلى الأرض ، وسقوط الطيور من الهواء إلى الأرض ، وظهور العلامات العجيبة في كل ناحية من الأرض ... إلى غير ذلك مما لا يعدّ ولا يحصى.
ثم إن ما صدر من جسده الشريف المطروح في أرض كربلاء ، حين نزول أرواح أصحاب الكساء وغيرهم من الأنبياء والصدّيقين والصدّيقات ، وكذا الملائكة المقربين لزيارته ، وفي غير تلك الأوقات ، مما في غاية الكثرة.
ثم إن ما صدر من رأسه الشريف من حين إبانته من الجسد الشريف ، إلى أن يدفن ، أكثر من أن يحصى أو يستقصى. وهكذا المعجزات الصادرة عن الدماء السائلة من رأسه الشريف في كل موضع نزل به.
ثم لا يخفى ما حصل لكل ناقة وجمل وكل شيء نهب في كربلاء من أموال آل محمّدصلىاللهعليهوآلهوسلم ، من آيات ساطعة وبيّنات قاطعة. ومنه صيرورة الزعفران الّذي سرقوه نارا ، ومن وضع منه على جسمه صار أبرصا. ولما ذبحوا البعير صار نارا ، ولما طبخوه كان طعم لحمه علقما.
١٩٢ ـ أهوال يوم العاشر من المحرم :
(ذكرى الحسين للشيخ حبيب آل إبراهيم ، ص ١٣٨)
يقول الشيخ حبيب آل إبراهيم رحمهالله :
يوم العاشر من المحرم ، يوم لم يجر في العالم مثله ، ولم يمرّ على نبي أو وصيّ نبي نظيره ، فلقد لاقى الحسين عليهالسلام في نفسه وأهله وأصحابه النجوم الزواهر ، ما لم يلاقه أحد ، وقاسى ما لم يقاسه بشر ، ولم يخرج في كل أحواله عن طاعة الله ، ولا مال عن مرضاته طرفة عين. والأفعال التي ارتكبها فيه أعداؤه ، والهمجية التي أبدوها ، والظلم الّذي تعمّدوه ، والغشم الّذي تقصّدوه ،
لم يكن ولا وقع ولا أظن أنه يقع نظيره من أحد أبدا. فحقيق بأن يظهر الله تعالى