والله. قال : أعطني الرأس أعلقه في عنق فرسي ليرى الناس أني شاركتك في قتله ، ثم خذه فلا حاجة لي فيما يعطيك ابن زياد!. فأعطاه الرأس ، فجال به في الناس ثم ردّه إليه. فلما رجع إلى الكوفة علّقه في عنق فرسه.
وكان لحبيب ابن يسمى (القاسم) قد راهق ، فجعل يتبع الفارس الّذي معه رأس أبيه ، فارتاب به. فقال : مالك تتبعني؟. قال : إن هذا الرأس الّذي معك رأس أبي ، فأعطني إياه حتى أدفنه. فقال : إن الأمير لا يرضى أن يدفن ، وأرجو أن يثيبني. فقال : لكن الله لا يثيبك إلا أسوأ الثواب ، وبكى الغلام.
ثم لم يزل يتبع أثر قاتل أبيه بعدما أدرك ، حتى قتله وأخذ بثأر أبيه ، وذلك أنه كان في عسكر ، فهجم عليه وهو في خيمة له نصف النهار ، فقتله وأخذ رأسه.
ترجمة الصحابي حبيب بن مظاهر الأسدي
هو حبيب بن مظاهر بن رئاب بن الأشتر الأسدي الكندي. إماميّ ثقة ، وأدرك النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأمير المؤمنين والحسن والحسين عليهالسلام. وكان حافظا للقرآن من أوله إلى آخره. وسمع الحديث من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فهو صحابي.
قال أرباب التاريخ : إن حبيبا نزل الكوفة وصحب عليا عليهالسلام في حروبه كلها. وكان من خاصته وحملة علومه ، علّمه الإمام علي عليهالسلام علم المنايا والبلايا. وكان من جملة الذين كاتبوا الحسين عليهالسلام ووفّى له. وعند ورود مسلم بن عقيل الكوفة صار حبيب ومسلم بن عوسجة يأخذان البيعة للحسين عليهالسلام ، حتى إذا دخل عبيد الله بن زياد الكوفة وتخاذل أهل الكوفة عن سفير الحسين اختفيا ، إلى أن ورد الحسين كربلاء ، خرجا متخفيين ولحقا به وصارا من أصحابه.
ثم كان حبيب على ميسرة الحسين عليهالسلام يوم كربلاء ، وعمره خمس وسبعون سنة. وهو واحد من سبعين بطلا استبسلوا في ذلك اليوم. وعرض عليهم الأمان فأبوا ، وقالوا : لا عذر لنا عند رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إن قتل الحسين عليهالسلام وفينا عين تطرف ، حتى قتلوا حوله.