موطني ونغّص عيشي ، وأجرى دموعي وأقلّ هجوعي. فقال البهلول : وأنا والله كذلك. فقال له : قم بنا نمضي إلى كربلاء لنشاهد قبور أولاد علي المرتضى عليهالسلام.
قال : فأخذ كل واحد بيد صاحبه حتى وصلا إلى قبر الحسين عليهالسلام ، وإذا هو على حاله لم يتغير ، وقد هدموا بنيانه ، وكلما أجروا عليه الماء غار وحار ، واستدار بقدرة العزيز الجبار ، ولم يصل قطرة واحدة إلى قبر الحسين عليهالسلام. وكان القبر الشريف إذا جاءه الماء يرتفع أرضه بإذن الله تعالى. فتعجب زيد المجنون مما شاهده ، وقال : انظر يا بهلول (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) (٣٢) [التوبة : ٣٢].
٧٣٦ ـ كان المتوكل من ألدّ أعداء أهل البيت عليهالسلام :
(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٤٨)
فلما كان أيام المتوكل ـ وكان سيئ الاعتقاد في آل أبي طالب عليهالسلام شديد الوطأة عليهم ، قبيح المعاملة معهم ، ووافقه على جميع ذلك وزيره عبيد الله بن يحيى ـ بلغ بسوء معاملتهم ما لم يبلغه أحد من الخلفاء من بني العباس. فأمر بتخريب قبر الحسين عليهالسلام وقبور أصحابه ، وكرب مواضعها وإجراء الماء عليها ، ومنع الزوار من زيارتها ، وأقام الرصد وشدد في ذلك. حتى كان يقتل من يوجد زائرا ، وولى ذلك كله يهوديا. وسلّط اليهودي قوما من اليهود فتولوا ذلك. إلى أن قتل المتوكل ، وقام بالأمر ابنه (المنتصر) فعطف على آل أبي طالب عليهالسلام وأحسن إليهم وفرّق فيهم الأموال. فأعيدت القبور في أيامه. إلى أن خرج الداعيان : الحسن ومحمد ابنا زيد ، فأمر محمّد بعمارة المشهدين الشريفين : مشهد أمير المؤمنين ومشهد الحسين عليهالسلام. وأمر بالبناء عليهما ، وزيد في ذلك من بعده. وبلغ (عضد الدولة) البويهي الغاية في تعظيمهما وعمارتهما والأوقاف عليهما ، وكان يزورهما في كل سنة.
٧٣٧ ـ كيف قتل المتوكل على يد ابنه المنتصر؟ :
كان المنتصر بن المتوكل مواليا لأهل البيت عليهالسلام بعكس أبيه ، وهذا الّذي دفعه إلى قتل أبيه. وسبب ذلك أن المتوكل أقام مرة حفلة ، وجعل شخصا بهيئة الإمام علي عليهالسلام ، وحشا بطنه لتكبر ، وجعل الشخص يرقص متمثلا بعلي بن أبي طالب عليهالسلام. عندها هيّأ المنتصر الخطة لقتل أبيه. فدخل على مجلسه وأبوه يشرب