ملف : دمشق القديمة والمسجد الجامع
لمحة عن دمشق القديمة
والمسجد الجامع
١ ـ تاريخ مدينة دمشق
كانت دمشق منذ آلاف السنين بحيرة مترامية الأطراف تسمى «بحيرة دمشق الكبرى» ، تبدأ من خانق الربوة غربا ، وتنتهي بالعتيبة شرقا. وهذه البقعة بما حباها الله من تكوين ومعطيات بدت وكأنها قطعة من الجنة. فجبل قاسيون يحرسها من الشمال الغربي ، وسلسلته الممتدة إلى الزبداني خضعت في العصور الجيولوجية الموغلة في القدم لهدم شديد عجيب ، شقّ فيها أخدودا عميقا ، ثم فجّر منها ينابيع أجرت في الأخدود أنهارا ، مما شكّل في وهدتها بحيرة عظيمة عذبة المياه ، تحيط بها المرتفعات من كل جانب ، وتمتد إلى الشرق إلى ما يسمى اليوم بحيرة العتيبة. وحول هذه البحيرة العظيمة تكاثفت الأشجار وغرّدت الأطيار ، فإذا أنت وكأنك تعيش في فردوس من الجنة.
وكانت مياه الأمطار التي تهطل في ذلك الوقت على المنطقة غزيرة جدا ، مما سمح بتشكل تلك البحيرة العظمى.
ثم ما برحت المياه مع الزمن تنقص رويدا رويدا ، لتبدّل مناخ المنطقة وسيره نحو الجفاف ، فبدأت البحيرة الكبرى تصغر شيئا فشيئا ، وتبدو التلال الموجودة فيها. وكان الإنسان يعيش في تلك الفترة في المناطق العالية من جبل قاسيون ، وخاصة في منطقة برزة ، التي كانت منطقة الكهوف. ومع انحسار البحيرة بدأ الإنسان ينزل مقتربا من البحيرة. ولما كانت البحيرة مليئة بأنواع السمك ، فكنت ترى على أحد التلال وسط البحيرة صيادي السمك يدلون بقصباتهم إلى الماء لصيد السمك ، فسمّي هذا التل لذلك : تلّة السمّاكة. وكانت تبدو وسط البحيرة المنحسرة أربع تلات بارزة ، هي : تلة السماكة ، والتلة الواقعة في مكان الخراب (تلة الحمراوي) ، وتلة القصاع (سفل التلة). وأما التلة الثالثة فهي أكبرها ، وهي التي أنشئ عليها فيما بعد المعبد ، الّذي تحوّل إلى المسجد الأموي اليوم ، بينما بني القصر الآرامي على تلة السماكة.