فقاتله أهل المدينة قتالا شديدا ، وحفروا خندقا حول المدينة ، فرام [ابن عقبة] ناحية من نواحي الخندق ، فتعذّر ذلك عليه ، فخدع مروان بن الحكم بعضهم ، فدخل من منطقة الحرّة ومعه مائة فارس ، فأتبعه الخيل حتى دخلت المدينة. وعملوا في أهل المدينة بالقتل والتنكيل حتى لم يبق بها من الرجال إلا القليل. واستباح حرم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى ولدت الأبكار ولا يعرف من أولدهن.
ثم أخذ مسلم بن عقبة الناس على أن يبايعوا على أنهم عبيد ليزيد بن معاوية. فكان الرجل من قريش يؤتى به ، فيقال له : بايع أنك عبد قنّ ليزيد ، فيقول : لا أبايع!. فيضرب عنقه.
وكان ذلك في ذي الحجة [أحد الأشهر الحرم] سنة ٦٣ ه. وسمّي مسلم ابن عقبة من شدة إسرافه في القتل (مسرفا).
وجاء في كتاب (الإمامة والسياسة) لابن قتيبة ، ج ١ ص ١٨٥ : وذكروا أنه قتل يوم الحرة من أصحاب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ثمانون رجلا ، ولم يبق بدري بعد ذلك ، ومن قريش والأنصار سبعمائة ، ومن سائر الناس من الموالي والعرب والتابعين عشرة آلاف.
٨٤٥ ـ استشارة مسلم بن عقبة لمروان بن الحكم لغزو المدينة :
(الكامل لابن الأثير ، ج ٣ ص ٤١٩)
قال ابن الأثير : طرد أهل المدينة كل من كان فيها من بني أمية ، وفيهم مروان بن الحكم وابنه عبد الملك. فساروا بأثقالهم حتى لقوا مسلم بن عقبة بوادي القرى. فدعا بعمرو بن عثمان بن عفان أول الناس ، فقال له : خبّرني ما وراءك وأشر عليّ. فقال : لا أستطيع ، قد أخذت علينا العهود والمواثيق أن لا ندلّ على عورة ولا نظاهر عدونا. فانتهره وقال : والله لو لا أنك ابن عثمان لضربت عنقك!. وايم الله لا أقيلها قرشيا بعدك.
فخرج عمرو بن عثمان إلى أصحابه فأخبرهم خبره. فقال مروان بن الحكم لابنه عبد الملك : ادخل قبلي لعله يجتزئ [أي يكتفي] بك عني. فدخل عبد الملك. فقال مسلم : هات ما عندك. فقال : نعم ، أرى أن تسير بمن معك ، فإذا انتهيت إلى (ذي نخلة) نزلت ، فاستظل الناس في ظله ، فأكلوا من صقره. فإذا أصبحت من الغد مضيت ، وتركت المدينة ذات اليسار ، ثم درت بها حتى تأتيهم من قبل (الحرّة) مشرّقا ، ثم تستقبل القوم. فإذا استقبلتهم وقد أشرقت عليهم الشمس ، طلعت بين