الخيمة ، وفي قوائمها الأساور الذهب ، وعليها جلّ (أي جلال) يساوي مبلغا كبيرا ، وقد بلغ منها العطش والتعب ، وقد كادت تموت تعبا وعطشا ، فعلم أنها ليزيد ، وأنها قد شذّت منه. فقام إليها ، وقدّم لها ماء وتعهدها بنفسه ، فما شعر إلا بشاب حسن الصورة على فرس جميل ، وعليه زي الملوك ، وقد علته غبرة ، فقام إليه وسلّم عليه ، فقال له : أرأيت كلبة عابرة بهذا الموضع؟. فقال : نعم يا مولانا ، ها هي في الخيمة ، قد شربت ماء واستراحت ، وقد كانت لما جاءت إلى ههنا جاءت على غاية من العطش والتعب. فلما سمع يزيد كلامه نزل ودخل الخيمة ، ونظر إلى الكلبة وقد استراحت ، فجذب بحبلها ليخرج. فشكا الرجل إليه حاله ، وعرّفه ما أخذ منه عبيد الله بن زياد ، فطلب دواة وكتب له بردّ ماله وخلعة سنيّة ، وأخذ الكلبة وخرج. فردّ الرجل من ساعته إلى الكوفة ، ولم يدخل دمشق.
٨٥٨ ـ سبب هلاك يزيد : (البداية والنهاية لابن كثير ، ج ٨ ص ٢٥٤)
وقيل : إن سبب موت يزيد ، أنه حمل قردة ، وجعل ينقّزها (١) فعضّته. وذكروا عنه غير ذلك.
مات يزيد بحوّارين من قرى دمشق ، في الرابع عشر من ربيع الأول سنة ٦٤ ه (وعمره ٣٨ عاما).
ثم حمل بعد موته إلى دمشق ، وصلى عليه ابنه معاوية بن يزيد ، ودفن بمقابر باب الصغير.
وفي (أنساب الأشراف) : قيل لأبي مسلم الخولاني يوم مات يزيد : ألا تصلي على يزيد؟. فقال : يصلي عليه ظباء حوّارين!.
وفي (معالم المدرستين) ج ٣ ص ٢٢ عن (أنساب الأشراف) ج ٤ قسم ١ ص٢: وروى البلاذري عن شيخ من أهل الشام ، أن سبب وفاة يزيد ، أنه حمل قردة على الأتان وهو سكران ، ثم ركض خلفها ، فسقط فاندقت عنقه أو انقطع في جوفه شيء.
وروي عن ابن عياش أنه قال : خرج يزيد يتصيّد بحوّارين ، وهو سكران ، فركب وبين يديه أتان وحشية قد حمل عليها قردا ، وجعل يركّض الأتان ويقول :
أبا خلف احتل لنفسك حيلة |
|
فليس عليها إن هلكت ضمان |
فسقط واندقت عنقه.
__________________
(١) نقّز : توثّب صعدا ، ونقّز القرد : جعل يلاعبه ويرقصه.