فأقامت على ذلك ثلاثين سنة. فلما كانت ذات يوم أصبحنا وإذا بها قد تشوّكت من أولها إلى آخرها ، فذهبت نضارة عيدانها وتساقط جميع ثمرها. فما كان إلا يسير حتى وافى مقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام ، فما أثمرت بعد ذلك لا قليلا ولا كثيرا ، وانقطع ثمرها. ولم نزل ومن حولنا نأخذ من ورقها ونداوي مرضانا بها ، ونستشفي به من أسقامنا.
فأقامت على ذلك برهة طويلة. ثم أصبحنا ذات يوم فإذا بها قد بعثت من ساقها دما عبيطا [أي طريا] جاريا ، وأوراقها ذابلة تقطر دما كماء اللحم. فقلنا أن قد حدث أمر عظيم. فبتنا ليلتنا فزعين مهمومين نتوقع الداهية. فلما أظلم الليل علينا سمعنا بكاء وعويلا من تحتها ، وجلبة شديدة ورجّة ، وسمعنا صوت باكية تقول :
أيابن النبي ويابن الوصيّ |
|
بقيّة ساداتنا الأكرمين |
ثم كثرت الرنّات والأصوات ، فلم نفهم كثيرا مما كانوا يقولون. فأتانا بعد ذلك [خبر] قتل الحسين عليهالسلام. ويبست الشجرة وجفّت ، فكسرتها الرياح والأمطار بعد ذلك ، فذهبت واندرس أثرها.
حزن السيدة أم سلمة رضي الله عنها
٢١٠ ـ حزن أم سلمة ومعجزة القارورة : (تاريخ اليعقوبي ، ج ٢ ص ١٤٦)
وكان أول صارخة صرخت في المدينة (أم سلمة) زوج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكانصلىاللهعليهوآلهوسلم دفع إليها قارورة فيها تربة ، وقال لها : إن جبريل أعلمني أن أمتي تقتل الحسينعليهالسلام ، وأعطاني هذه التربة ، وقال لي : إذا صارت دما عبيطا [أي طريا] فاعلمي أن الحسين قد قتل.
وكانت عندها ، فلما حضر ذلك الوقت ، جعلت تنظر إلى القارورة في كل ساعة ، فلما رأتها قد صارت دما ، صاحت : وا حسيناه ، وابن رسول الله!. وتصارخت النساء من كل ناحية ، حتى ارتفعت المدينة بالرجّة التي ما سمع بمثلها قط.
٢١١ ـ إخبار أم سلمة بمقتل الحسين عليهالسلام :
(مناقب آل أبي طالب لابن شهر اشوب ، ج ٣ ص ط نجف)
جاء في مسند أحمد بن حنبل وغيره ، قال ابن عباس : بينا أنا راقد في منزلي ، إذ سمعت صراخا عظيما عاليا من بيت أم سلمة ، وهي تقول : يا بنات عبد المطلب