مغطى بمنديل ديبقي ، ووضع في حجرة. ثم توجه نحو الحجرة ، وقال : السلام عليك يا أبا عبد الله. وإذا قد ارتفع المنديل ، وقال الرأس المبارك : وعليك السلام يا علي يا ولدي. فصاح علي بن الحسين عليهالسلام صيحة وقال : وعليك السلام ورحمة الله وبركاته يا أبتاه ، أيتمتني على صغر سني ، وذهبت يا أبتاه عني وفرّق بيني وبينك ، وها أنا راجع إلى حرم جدي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. أودعك الله وأسترعيك وأقرأ عليك السلام.
قال : فضجّ المجلس بالبكاء والعويل ، حتى ارتجّت الأرض. فخشي يزيد من انقلاب الناس عليه ، فقام ودخل منزله.
ملاحظة :
إن قول يزيد لزين العابدين عليهالسلام : أما وجه أبيك فلن تراه أبدا ، يدل على أنه لم يعطه الرأس الشريف لإرجاعه إلى كربلاء. فإذا صحّ أن زين العابدين عليهالسلام قد أرجع الرأس الشريف إلى كربلاء ، يكون ذلك قد حصل في سنوات لاحقة .. فإن من يمنع زين العابدين عليهالسلام من رؤية وجه أبيه ، حريّ به أن يمنعه من أخذ رأسه ، لا سيما أن ذلك ليس من مصلحة يزيد السياسية.
وسوف نرى كيف أن يزيد بعد ردّ السبايا إلى المدينة ، لم يشف قلبه قتل الحسينعليهالسلام ، حتى سيّر رأسه الشريف إلى كافة البلدان ؛ إلى الأردن وفلسطين ومصر ، ثم أرجعه إلى دمشق. ثم سيّره إلى المدينة للتشهير به في كل الأمصار ، ثم أرجعه إلى دمشق ، حيث بقي فيها مدة قبل ردّه إلى كربلاء ، من قبل زين العابدين عليهالسلام أو غيره. والذي أرجّح أن ذلك الردّ حصل بعد موت يزيد.
خوف يزيد من ازدياد المعارضة عليه
٦١٦ ـ نصيحة مروان بتسيير السبايا إلى المدينة خشية النقمة المتزايدة عليه :
(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ١٠٩)
فقصد الناس أن يهجموا على يزيد في داره ويقتلوه. فاطّلع على ذلك مروان ، وقال ليزيد : لا يصلح لك توقف أهل بيت الحسين في الشام ، فأعدّ لهم الجهاز ، وابعث بهم إلى الحجاز.
فهيأ لهم المسير ، وبعث بهم إلى المدينة.