قال : فضجّ الناس بالبكاء والنحيب ، ونشرت النساء شعورهن ، ووضعن التراب على رؤوسهن ، وخمشن الوجوه ، ولطمن الخدود ، ودعون بالويل والثبور ، فلم ير باك ولا باكية أكثر من ذلك اليوم.
٣١٢ ـ خطبة الإمام زين العابدين عليهالسلام في أهل الكوفة :
(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٤١٠ ط ٣)
وجيء بعلي بن الحسين عليهالسلام على بعير ظالع ، والجامعة في عنقه ، ويداه مغلولتان إلى عنقه ، وأوداجه تشخب دما ، فكان يقول :
يا أمة السوء لا سقيا لربعكم |
|
يا أمة لم تراع جدّنا فينا |
لو أننا ورسول الله يجمعنا |
|
يوم القيامة ما كنتم تقولونا |
تسيّرونا على الأقتاب عارية |
|
كأننا لم نشيّد فيكم دينا |
خطبة الإمام السجّاد عليهالسلام في أهل الكوفة
في (اللهوف) : ثم إن زين العابدين عليهالسلام أومأ إلى الناس أن اسكتوا. فلما سكتوا حمد الله وأثنى عليه ، وذكر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فصلى عليه ، ثم قال :
أيها الناس ، من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب عليهالسلام. أنا ابن من انتهكت حرمته ، وسلبت نعمته ، وانتهب ماله ، وسبي عياله. أنا ابن المذبوح بشط الفرات ، من غير ذحل ولا ترات. أنا ابن من قتل صبرا ، وكفى بذلك فخرا.
أيها الناس ، ناشدتكم بالله هل تعلمون أنكم كتبتم إلى أبي وخدعتموه ، وأعطيتموه من أنفسكم العهود والميثاق والبيعة وقاتلتموه؟. فتبّا لكم لما قدّمتم لأنفسكم ، وسوأة لرأيكم. بأية عين تنظرون إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إذ يقول لكم : قتلتم عترتي ، وانتهكتم حرمتي ، فلستم من أمتي؟.
قال : فارتفعت أصوات الناس بالبكاء من كل ناحية. وقال بعضهم لبعض : هلكتم وما تعلمون!.
ثم قال عليهالسلام : رحم الله امرأ قبل نصيحتي ، وحفظ وصيتي في الله وفي رسوله وأهل بيته ، فإن لنا في رسول الله أسوة حسنة.