الحروب ـ إذا ازدلفت الأسنة ، وقربت الأعنّة ـ طحن الرحى ، ويذروهم فيها ذرو الريح الهشيم. ليث الحجاز ، وصاحب الإعجاز. وكبش العراق ، الإمام بالنص والاستحقاق. مكي مدني ، أبطحي تهامي ، حنيفيّ عقبي ، بدري أحدي ، هجري مهاجري. من العرب سيدها ، ومن الوغى ليثها. وارث المشعرين ، وأبو السبطين ، الحسن والحسين عليهالسلام. مظهر العجائب ، ومفرّق الكتائب ، والشهاب الثاقب ، والنور العاقب ، أسد الله الغالب ، مطلوب كل طالب ، غالب كل غالب ، ذاك جدي علي بن أبي طالب عليهالسلام.
ثم قال عليهالسلام : أنا ابن فاطمة الزهراء ، أنا ابن سيدة النساء ، أنا ابن الطهر البتول ، أنا ابن بضعة الرسول. أنا ابن خديجة الكبرى ، أنا ابن المقتول ظلما ، أنا ابن محزوز الرأس من القفا ، أنا ابن العطشان حتى قضى ، أنا ابن طريح كربلاء ، أنا ابن مسلوب العمامة والرداء ، أنا ابن من بكت عليه ملائكة السماء ، أنا ابن من ناحت عليه الجن في الأرض والطير في الهواء ، أنا ابن من رأسه على السنان يهدى ، أنا ابن من حرمه من العراق إلى الشام تسبى.
ـ قيام الأذان :
فلم يزل يقول : أنا أنا ، حتى ضجّ الناس بالبكاء والنحيب ، وخشي يزيد أن تكون فتنة. فأمر المؤذن أن يؤذّن ، فقطع عليه الكلام. فلما قال المؤذن : الله أكبر الله أكبر!. قال علي بن الحسين عليهالسلام : كبّرت كبيرا لا يقاس ، ولا يدرك بالحواس. لا شيء أكبر من الله. فلما قال المؤذن : أشهد أن لا إله إلا الله!. قال علي عليهالسلام : شهد بها شعري وبشري ، ولحمي ودمي ، ومخي وعظمي. فلما قال المؤذن : أشهد أن محمدا رسول الله!. التفت علي من فوق المنبر إلى يزيد وقال : يا يزيد ، محمّد هذا جدي أم جدك؟ فإن زعمت أنه جدك فقد كذبت وكفرت ، وإن قلت إنه جدي ، فلم قتلت عترته؟. ولم قتلت أبي وسبيت نساءه؟. فلم يردّ جوابا.
٥٩٤ ـ إعداد دار جديدة لإقامة السبايا ، مجاورة لدار يزيد :
قال : ولما فرغ المؤذن من الأذان والإقامة ، فتقدم يزيد وصلى صلاة الظهر.
وفي (الفتوح) لابن أعثم ، ج ٥ ص ٢٤٩ :
فلما فرغ يزيد من صلاته ، أمر بعلي بن الحسين عليهالسلام وأخواته وعماته ، ففرّغ لهم دارا فنزلوها. وأقاموا أياما يبكون وينوحون على الحسين عليهالسلام.