فيجيبه الحسين عليهالسلام : وعليك السلام ، ونحن خلفك ، ويتلو : (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ) [الأحزاب : ٢٣] ، ثم يحمل فيقتل. حتى قتلوا عن آخرهم رضوان الله عليهم ، ولم يبق مع الحسين عليهالسلام إلا أهل بيته.
(يقول الخوارزمي) : وهكذا يكون المؤمن ، يؤثر دينه على دنياه ، وموته على حياته ، في سبيل الله ، ينصر الحق وإن قتل. قال تعالى : (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) [آل عمران : ١٦٩].
وقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «كل قتيل في جنب الله شهيد».
ولما وقف رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على شهداء أحد وفيهم حمزة بن عبد المطلب ، قال : أنا شهيد هؤلاء القوم ، زمّلوهم بدمائهم ، فإنهم يحشرون يوم القيامة وكلومهم رواء ، وأوداجهم تشخب دما ؛ فاللون لون الدم ، والريح ريح المسك. فهم كما قيل :
كسته القنا حلّة من دم |
|
فأضحت لرائيه من أرجوان |
جزته معانقة الدارعين |
|
معانقة القاصرات الحسان |
* معنى (الشهيد) ومعنى ذكراه :
(مجلة الإسلام في معارفه وفنونه ـ بعلبك ، السنة ١٠ نيسان ١٩٦١)
يقول الشيخ حبيب آل إبراهيم رحمهالله :
الشهيد بكل بساطة إنسان قتل ، مع شرط أساسي : في سبيل رسالة. وبدون هذا الشرط لن يكون (شهيدا) ، بل : إنسان مات.
من جسد الشهيد .. من ذكراه .. يرتفع رمز ، يحوّله من قتيل إلى ضمير ؛ ضمير أمة أو جماعة بأكملها ، تجد فيه تعبيرا عن آمالها ، فتكرم ذكراه ، لكي يبقى الشهيد حيا في النفوس يذكي الآمال.
ههنا الفرق : الشهيد حيّ بما يمثّل من آمال ، أما القتيل فميّت.
لقد كان الحسين عليهالسلام ضمير الإسلام ، يحتجّ على كل انحراف عن النهج الّذي خطّه من قبل جده خاتم الرسل محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم.