وأبي هريرة وهما في الصحيحين أن ناسا قالوا يا رسول الله هل نرى ربّنا يوم القيامة؟
قال : هل تضارون في رؤية الشمس الخ ... (كما في الحديث المتقدم).
ثم ساق الكلام مستشهدا بالصحيحين عن أبي موسى قال : قال رسول الله : جنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى الله عزوجل إلّا رداء الكبرياء على وجهه في جنّة عدن. وفي افراد مسلم بن جابر في حديثه : «إن الله يتجلّى للمؤمنين يضحك» يعني في عرصات القيامة ، ففي هذه الأحاديث أن المؤمنين ينظرون إلى ربهم في العرصات وفي روضات الجنّات.
وقال الإمام أحمد حدّثنا أبو معاوية حدثنا عبد الملك بن أبجر حدّثنا يزيد بن أبي فاختة عن ابن عمر قال :
قال رسول الله : إن أدنى أهل الجنة منزلة لينظر في ملكه ألفي سنة يرى أقصاه كما يرى أدناه ، ينظر إلى أزواجه وخدمه وإن أفضلهم منزلة لينظر إلى وجه الله كل يوم مرتين.
ثمّ عقّب ابن كثير بالقول :
«لو لا خشية الإطالة لأوردنا الأحاديث بطرقها وألفاظها من الصحاح والحسان والمسانيد والسنن ، وقد ثبت رؤية المؤمنين لله عزوجل في الدار الآخرة في الأحاديث الصحاح من طرق متواترة عند أئمة الحديث لا يمكن دفعها ولا منعها ...] (١).
هذا هو المشهور بين العامة إلّا أن الآمدي نسب رؤيته تعالى بالأبصار في الدنيا أيضا فقال :
[اجتمعت الأئمة من أصحابنا على أن رؤية الله تعالى في الدنيا والآخرة جائزة عقلا ، واختلفوا في جوازها سمعا في الدنيا ، فأثبته بعضهم ونفاه آخرون] (٢).
ومما يؤكد مقالة الآمدي ما ذكره الشهرستاني حاكيا عمّن يقول بالتشبيه قال : «أن مضر وكهمس وأحمد الهجيمي أجازوا على ربهم الملامسة والمصافحة ، وأن
__________________
(١) تفسير ابن كثير : ج ٤ ص ٣٩٣ ط دار القلم.
(٢) شرح المواقف : ج ٨ ص ١١٥.