المصلحة ، اقتضى الظرف والحال أن يتركوا الأولى تقديما للمصلحة النوعية على المصلحة الشخصية.
قال المفيد (قدس سرّه) :
والأنبياء والأئمة عليهمالسلام من بعدهم معصومون في حال نبوّتهم وإمامتهم من الكبائر كلها والصغائر ، والعقل يجوّز عليهم ترك مندوب إليه على غير التعمّد للتقصير والعصيان ، ولا يجوز عليهم ترك مفترض (أي واجب) إلّا أن نبينا صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمة عليهمالسلام من بعده كانوا سالمين عن ترك المندوب والمفترض ، قبل حال إمامتهم وبعدها» (١).
وقال في موضع آخر :
«إنّ الرسول والأئمة عليهمالسلام من ذريته كانوا حججا لله تعالى منذ أكمل عقولهم إلى أن قبضهم ، ولم يكن لهم قبل أحوال التكليف أحوال نقص وجهل ، فإنهم يجرون مجرى عيسى ويحيى عليهماالسلام في حصول الكمال لهم مع صغر السّنّ وقبل بلوغ الحلم ، وهذا أمر تجوّزه العقول ولا تنكره ، وليس إلى تكذيب الأخبار سبيل ، والوجه أن نقطع على كمالهمعليهمالسلام في العلم والعصمة ...» (٢).
وفي الختام أقول :
من المعهود تاريخيا أنّ الأنبياء والأوصياء لم يعهد منهم أنهم ارتكبوا ما يخلّ بمروءتهم وشهامتهم ، بل لم يعهد هذا من الكاملين ، على غير هدى الشريعة ، فكيف بمن أفنوا أعمارهم بطاعة الله والقرب منه لا سيما الأنبياء والأوصياء ، فإن العقل لا يتصور صدور المنفّرات ، وما يخلّ بالمروءات منهم ، خاصة وأن ذلك ليس من طبعهم من دون حاجة إلى لطف خاص يمنعهم من ذلك ، لأنّ الإخلال بالمروءات نقص يتنزّه الحكيم عنه ، فكيف بالأنبياء والأوصياء الذين هم سادة الحكماء وقادتهم.
__________________
(١) تصحيح الاعتقاد : ص ١٢٩.
(٢) نفس المصدر : ص ١٣٠.