إن العقل عقال من الجهل ، والنفس مثل أخبث الدواب ، فإن لم تعقل حارت (أي هلكت) (١).
كل هذه النصوص إشارة إلى حقيقة العقل العملي ، فبمقدار ما يرتبط المرء بالمولى عزّ ذكره بمقدار ما يحصل على نسبة ما من الكمال العقلي لذا ورد عن مولانا أبي جعفر الباقر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يعبد الله عزوجل بشيء أفضل من العقل ، ولا يكون المؤمن عاقلا حتى تجتمع فيه عشر خصال :
الخير منه مأمول ـ والشر منه مأمون.
يستكثر قليل الخير من غيره ـ ويستقلّ كثير الخير من نفسه.
ولا يسأم من طلب العلم طول عمره ـ ولا يتبرم (أي يتضجّر) بطلاب الحوائج قبله.
الذلّ أحبّ إليه من العز ـ والفقر أحبّ إليه من الغنى.
نصيبه من الدنيا القوت ، والعاشرة لا يرى أحدا إلّا قال :
هو خير مني وأتقى. إنما الناس رجلان : فرجل هو خير منه وأتقى وآخر هو شرّ منه وأدنى ، فإذا رأى من هو خير منه وأتقى تواضع له ليلحق به ، وإذا لقى الذي هو شر منه وأدنى قال :
عسى خير هذا باطن ، وشرّه ظاهر ، وعسى أن يختم له بخير ، فإذا فعل ذلك فقد علا مجده وساد أهل زمانه (٢).
ونزيد بيانا في أن المراد بالعقل هو العملي ، ما ورد عن النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم حينما سئل : ما العقل؟
قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : العمل بطاعة الله وإن العمّال بطاعة الله هم العقلاء (٣).
ويظهر من الأخبار أن للعقل استعمالات عدّة :
فمرة يطلق ويراد به الحقيقة المحمدية كما تقدم آنفا.
وأخرى يراد به نوره صلىاللهعليهوآلهوسلم وشعاعه في قلوب المؤمنين ، ونقصد بالنور ولاية
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ١ ص ١١٧.
(٢) بحار الأنوار : ج ١ ص ١٠٨.
(٣) نفس المصدر : ج ١ ص ١٣١.