التَّوْراةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ) (الصف / ٧).
وخلاصة الحديث أن المقصود ب (فارقليطا) ليس روح القدس أو المسلّي ، بل هو معادل لمفهوم «أحمد» (١).
وأود أن أذكر شهادة الأسقف الأعظم المعاصر للقسيس المستبصر فخر الإسلام قال:
كنت عند الأسقف الأعظم بواتيكان ـ وكان يحبني ويقرّبني إليه ـ فسألته عن تفسير كلمة «فارقليطا» في السريانية و «پير كلوطوس» في اليونانية ما هو المراد الحقيقي منها؟ وكان قد جرى بيني وبين سائر التلامذة حديث ومشاجرة في تفسيرها ، ومن ثم حاولت فهم معناها الصحيح من الأب الأعظم «البابا».
فأشفق عليّ الأسقف ولاطفني وأخذته العبرة فقال يا بني يصعب عليّ مخادعتك ، ولكن لو بحت بسرّي هلكت! فحلفت له الإيمان المغلّظة ، أن لا أبوح بسرّه ما دام على قيد الحياة.
فأعطاني مفتاح غرفة كان قد خصّصها لنفسه ، وكنت قد ظننت أنّ بها أمواله ونقوده التي تعلّق بها ، وأذن لي في فتح صندوق فيه كتب عتيقة ، منها نسختان من الكتاب المقدّس على ورق الجلد ، إحداهما سريانية والأخرى يونانية ، وكان تاريخ كتابتهما يعود إلى ما قبل الإسلام ، وكانت ترجمة اللفظة فيهما «أحمد» و «محمد» صريحا (٢).
ويقول الأستاذ عبد الوهاب النجّار :
كنت في سنة ١٨٩٣ ـ ١٨٩٤ طالبا بدار العلوم ، وكان يجلس بجانبي ـ في درس اللغة العربية ـ العلّامة الكبير الدكتور «كارلونلينو» المستشرق التلياني ، وكان يحضر درس اللغة العربية بتوصية من الحكومة الإيطالية ، فانعقدت أواصر الصحبة بيني وبينه ، فاتفق ليلة السابع والعشرين من شهر رجب عام (١٣١١) هجري ، وهي ليلة المعراج ، والشوارع والدار بين مزيّنة والناس في سرور ، وجرى حديث بيننا في المناسبة ، وقلت له في أثناء لكلام وأنا أعلم أنه يحمل شهادة الدكتوراه
__________________
(١) تفسير الأمثل : ج ١٨ ص ٢٧١ نقلا عن دائرة المعارف الفرنسية : ج ٢٣ ص ٤١٧٦.
(٢) تفصيل القضية في أنيس الأعلام : ج ١ ص ٨ ـ ٢٠.