والعاصمية للآخرين ، ليست من الصفات البارزة التي يدركها جميع الناس ليتركها مسرحا لاختيارهم وتمييزهم ، ولو أمكن تركها لهم في مجال التشخيص فليس من الضروري أن يتفق الناس على اختيار صاحبها بالذات مع تباين عواطفهم وميولهم.
وطبيعة الصيانة والحفظ ومراعاة استمرارها منهجا وتطبيقا في الحياة ، وتستدعي اتخاذ مختلف الاحتياطات اللازمة لذلك.
ولقد أغنانا صلىاللهعليهوآلهوسلم حين عيّن عليا عليهالسلام في نفس حديث الثقلين وسماه من بين أهل بيته لينهض بوظائفه من بعده ، ومما جاء في خطابه التاريخي في يوم غدير خم ، وهو ينعى نفسه لعشرات الألوف من المسلمين الذين كانوا معه : «كأني قد دعيت فأجبت ، اني قد تركت فيكم الثقلين ، أحدهما أكبر من الآخر : كتاب الله وعترتي ، فانظروا كيف تخلفونني فيهما ، فإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ، ـ ثم قال ـ : إن الله عزوجل مولاي ، وأنا مولى كل مؤمن ـ ثم أخذ بيد عليّ ، فقال ـ : من كنت مولاه فهذا وليه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه» (١).
ثم قال في مرض موته بعد ذلك مؤكدا : «أيها الناس ، يوشك ان أقبض قبضا سريعا فينطلق بي ، وقد قدمت إليكم القول معذرة إليكم ، الا اني مخلف فيكم كتاب ربي عزوجل وعترتي أهل بيتي ، ثم أخذ بيد علي فرفعها فقال : هذا علي مع القرآن والقرآن مع علي ، لا يفترقان حتى يردا عليّ الحوض فأسألهما ما خلفت فيهما» (٢).
على أن الأحاديث الدالة على عصمته كافية في تعيينه ، أمثال قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم :
__________________
(١) مستدرك الحاكم وتلخيصه للذهبي : ٣ ـ ١٠٩ ، وقد صححه الحاكم على شرط الشيخين ولم يخرجاه بطوله.
(٢) الصواعق المحرقة لابن حجر : ٢٤.