التأريخي كان منشؤها عدم تمكنهم من تكذيبها ، ومن هنا تضاربت الأقوال في توجيهها وبيان المراد منها.
والسيوطي بعد أن أورد ما قاله العلماء في هذه الأحاديث المشكلة خرج برأي غريب نورده هنا تفكهة للقراء ، وهو «وعلى هذا فقد وجد من الاثني عشر ، الخلفاء الأربعة والحسن ومعاوية وابن الزبير وعمر بن عبد العزيز وهؤلاء ثمانية ، ويحتمل ان يضم إليهم المهدي من العباسيين لأنه فيهم كعمر بن عبد العزيز في بني أمية ، وكذلك الظاهر لما أوتيه من العدل ، وبقي الاثنان المنتظران أحدهما : المهدي لأنه من أهل بيت محمد ولم يبين المنتظر الثاني ، ورحم الله من قال في السيوطي : إنه حاطب ليل» (١).
وما يقال عن السيوطي يقال عن ابن روزبهان في رده على العلامة الحلي وهو يحاول توجيه هذه الأحاديث (٢).
والحقيقة ان هذه الأحاديث لا تقبل توجيها إلا على مذهب الإمامية في أئمتهم. واعتبارها من دلائل النبوة في صدقها عن الإخبار بالمغيبات ، أولى من محاولة إثارة الشكوك حولها كما صنعه بعض الباحثين المحدثين متخطيا في ذلك جميع الاعتبارات العلمية ، وبخاصة بعد ان ثبت صدقها بانطباقها على الأئمة الاثني عشر عليهمالسلام.
على أنا في غنى من هذه الروايات وغيرها بحديث الثقلين نفسه ، فهو الّذي ترك بأيدينا مقياسا لتشخيص العصمة في أصحابها ، وقديما قيل : (اعرف الحق تعرف أهله) (٣).
__________________
(١) أضواء على السنة المحمدية : ٢١٢.
(٢) دلائل الصدق : ٢ ـ ٣١٥.
(٣) ذكر الغزالي في «المنقذ من الضلال» ما هذا لفظه : والعاقل يقتدي بسيّد العقلاء علي عليهالسلام حيث قال : لا يعرف الحق بالرجال ، اعرف الحق تعرف أهله» (بحار الأنوار : ٤٠ ـ ١٢٥).