والمقياس في العصمة هو عدم الافتراق عن القرآن ، فلنمسك بأيدينا هذا المقياس ، ونسبر به الواقع السلوكي لجميع من تسمّوا بالأئمة لدى فرق الشيعة ، ونختار أجدرهم بالانطباق عليه لنتمسك بإمامته.
وأظن ان الأنسب والأبعد عن الادعاء ان نهمل كتب الشيعة على اختلافها ، وننزع إلى كتب إخواننا من أهل السنة ونجعلها الحكم في تطبيق هذا المقياس عليهم ، فإنها أقرب إلى الموضوعية عادة من كتب قد يقال في حق أصحابها أن كل طائفة تريد التزيّد لأئمتها بالخصوص.
ولنا من ابن طولون مؤرخ دمشق في كتابه «الأئمة الاثنا عشر» ، وابن حجر في صواعقه ، والشيخ سليمان البلخي وغيرهم رادة لأمثال هذه البحوث.
ولنترك قراءة تراجمهم جميعا للأخ أبي زهرة ليرى أيهم أكثر انسجاما في واقعه مع المقياس الّذي استفدناه من حديث الثقلين.
يقول أحمد وهو يعلق على حديث الإمام الرضا عن آبائه عليهمالسلام حين مر بنيسابور : «لو قرأت هذا الإسناد على مجنون لبرئ من جنّته» (١).
والّذي نرجوه ونأمل أن لا ننساه ونحن نستعرض تراجمهم ، ان هؤلاء الأئمة الاثني عشر قد ادعوا لأنفسهم الإمامة في عرض السلطة الزمنية ، واتخذوا من أنفسهم كما اتخذهم الملايين من أتباعهم قادة للمعارضة السلمية للحكم القائم في زمنهم ، وكانوا عرضة للسجون والمراقبة ، وكثير منهم قتل بالسم ، وفيهم من استشهد في ميدان الجهاد على يد القائمين بالحكم.
وفي هؤلاء الأئمة من تولى الإمامة وهو ابن عشرين سنة كالحسن العسكري عليهالسلام ، بل فيهم من تولى منصبها وهو ابن ثمان كالإمامين الجواد والهادي عليهماالسلام.
__________________
(١) الصواعق المحرقة : ٢٠٣.