ومن المعروف عن الشيعة ادعاؤهم العصمة لأئمتهم الملازمة لدعوى الإحاطة في شئون الشريعة جميعها ، بل ادعوا الأعلمية لهم في جميع الشئون ، وهم أنفسهم صرحوا بذلك.
ومن كلمات أئمتهم في ذلك كله ما ورد عن أمير المؤمنين عليهالسلام في نهجه الخالد «نحن شجرة النبوة ، ومحط الرسالة ، ومختلف الملائكة ، ومعادن العلم ، وينابيع الحكمة» (١) ، وقوله عليهالسلام : «أين الذين زعموا أنهم الراسخون في العلم دوننا كذبا وبغيا علينا ، أن رفعنا الله ووضعهم ، وأعطانا وحرمهم ، وأدخلنا وأخرجهم؟ بنا يستعطي الهدى ، ويستجلي العمى ، ان الأئمة من قريش غرسوا في هذا البطن من هاشم ، لا تصلح على سواهم ولا تصلح الولاة من غيرهم» (٢).
وقول علي بن الحسين السجاد عليهماالسلام : «... وذهب آخرون إلى التقصير في أمرنا واحتجوا بمتشابه القرآن فتأولوا بآرائهم واتهموا مأثور الخبر فينا ـ إلى ان يقول ـ : فإلى من يفزع خلف هذه الأمة ، وقد درست أعلام هذه الأئمة ، ودانت الأمة بالفرقة والاختلاف يكفر بعضهم بعضا؟ والله تعالى يقول : (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ)(٣) فمن الموثوق به على إبلاغ الحجة ، وتأويل الحكم الا أعدال الكتاب وأبناء أئمة الهدى ، ومصابيح الدجى الذين احتج الله بهم على عباده ، ولم يدع الخلق سدى من غير حجة؟ هل تعرفونهم أو تجدونهم إلا من فروع الشجرة المباركة وبقايا الصفوة الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا؟» (٤).
ومع هذه الأقوال ونظيرها صادر عن أكثر الأئمة ، وهم مصرحون بمبادئهم ،
__________________
(١) نهج البلاغة تحقيق الدكتور صبحي الصالح ذيل الخطبة ١٠٩ ص ١٦٢ وفيه «ينابيع الحكم».
(٢) المصدر السابق : الخطبة : ١٤٤ ، ص ٢٠١.
(٣) سورة آل عمران : الآية ١٠٥.
(٤) بحار الأنوار : ٢٧ ـ ١٩٣ ، الحديث ٥٢. واقرأ هذه الأقوال وغيرها في المراجعات لشرف الدين مأثورة عن النهج والصواعق ص ١٨.